ما إن هدأت الأصوات وجف حبر الأقلام وهي تتابع معجزة الكرة الأرجنتينية والعالمية دييجو آرماندو مارادونا (لاعباً), حتى عادت تعلو وينثر الكتاب والمراسلون والمحللون كل كلمة وإيماءة صادرة عن أشهر وأهم من لعب كرة قدم في التاريخ بعد أن تولى زمام الأمور مدرباً للمنتخب الأروع والأمهر وصاحب الرقم القياسي العالمي في الحصول على البطولات المعترف بها من قبل الفيفا برصيد تسع عشرة بطولة, وأعني به بالتأكيد منتخب الأرجنتين.
مارادونا (مدرباً) أو (لاعباً) بحسب ما قرأته عنه وتابعته من آراء وانطباعات من كثير من النجوم الذين عاصروه وتعايشوا معه في ميادين الكرة بالداخل والخارج سواء من أرجنتينيين أو غيرهم من نجوم عالميين, هو ذلك الإنسان البسيط في حياته الخاصة, المتواضع مع جماهيره والمقدر لهم, العاشق حد الوله لمحبوبته الكرة, والرحوم على من حوله من أصدقائه ولاعبيه, فمن يتابع لقاءات المنتخب الأرجنتيني سيرى بأم عينيه حميمية تكاد تدمع العين للرائي لها من شدة هذه الحميمية وصدقها وكرمها ونبلها وعبقها وهو يعانق هذا ويضم ذاك اللاعب منهم النجم ومنهم من يخطو خطوات النجومية الأولى فهو لا يفرق بين من يمثل منتخب الأرجنتين ويحمل غلالته الزرقاء, فعلى الرغم من كونه (مارادونا) ذلك الاسم الأسطوري الذي يتشرف النظر بملامسة صوره ومقاطعه الإبداعية وكذا حلقات برنامجه التلفزيوني الشهير الذي تبنته إحدى القنوات التلفزيونية الأرجنتينية الخاصة ولاقت تلك الحلقات المحدودة رواجاً عالمياً مذهلاً حيث تم عرض إعادات لها في أكثر من (60) قناة عالمية منها قناة الجزيرة الرياضية, أقول على الرغم من كل ذلك فإنه يتعامل مع جميع لاعبيه بعاطفة جياشة وكلمة محفزة صادقة.
وعرف عن مارادونا الإنسان المرح والطرفة والنكتة, وكذلك عرف عنه الجرأة بالرأي من دون أية مهادنة أو دبلوماسية حتى مع نجوم من جيله أو يقارنون من قبل البعض بمسيرته البطولية والمهارية والإبداعية, أمثال البرازيلي بيليه، والفرنسي ميشيل بلاتيني, ولعل آخر هذه المماحكات بين هذا الثلاثي ما تناوله مارادونا في أحد مؤتمراته الصحفية بجنوب أفريقيا, عندما أطلق تصريحين ناريين ضد البرازيلي الأسطوري حينما وصف حالته بأنه يصلح أن يوضع في المتحف, ولم يسلم منه المسؤول الأوروبي الأول والنجم الفرنسي السابق ميشيل بلاتيني عندما وصفه بالعجرفة والغطرسة وأنه (شايف نفسه)، وإن اعتذر له فيما بعد.
فضلا عن آراء أدلى بها تحمل كثيراً من التطرف في الاحتفالية وهو يشير إلى استعداده بالقيام بتصرف (لا أخلاقي) فيما لو عاد المنتخب الأرجنتيني بالكأس العالمية إلى العاصمة بيونيس آيرس, دفعت الإعلاميين الموجودين في قاعة المؤتمر إلى إطلاق ضحكاتهم من دون توقف أخرج الحدث عن أجوائه الكروية المونديالية إلى عالم الخصوصيات.
إنه مارادونا بكل تفاصيله الإيجابية (وما أكثرها), وكذا جوانب سلبية (قليلة) تجد من يدافع ويبرر له تلك الوقفات الطارئة, كل أمنيات الأرجنتينيين أن يحقق منتخبهم الكأس العالمية ليضيف مارادونا إلى سجله المتخم بالبطولات والألقاب الجماعية والفردية لقباً جديداً على صعيد التدريب.
فهل سيتحقق له ذلك فيجعل انتقادات بيليه وغيره سراباً لا يرى ولا يسمع.