قفزت أسعار الأسمنت بالعاصمة المقدسة بواقع 6 ريالات للكيس الواحد وصولا إلى 20 ريالا وسط استمرار نقص كبير في الكميات المعروضة واستغراب العديد من أصحاب العمائر والمشروعات السكنية الذين فوجئوا بهذا الارتفاع.

وقال رئيس لجنة المقاولين بغرفة مكة المكرمة في تصريح إلى "الوطن" أمس إن ارتفاع أسعار الأسمنت لـ 20 ريالا للكيس ليس مقصورا على العاصمة المقدسة وإنما في عدد من المناطق، مبينا أن اللجنة تعول على وزارة التجارة والصناعة في ضبط السوق ومراقبة الأسعار.

وأشار إلى أن الوزارة وضعت هواتف لاستقبال البلاغات عن ارتفاع الأسعار وعلى جميع أصحاب العمائر الإبلاغ عن المحلات التي ترفع الأسعار.

وذكر عدد من الباعة المنتشرين في مواقع مختلفة من مكة المكرمة أن سعر الكيس وصل إلى 20 ريالا لأسمنت رابغ وأسمنت نجران وهما النوعان المتوفران في الأسواق حاليا.

وأفادوا أنهم أبلغوا بالأسعار الجديدة دون معرفة أسباب الارتفاع مشيرين إلى أن الإقبال الشرائي تراجع خلال الأيام الثلاثة الماضية بشكل كبير بسبب استمرار ارتفاع السعر.

مقابل ذلك أكد الوكيل المساعد لشؤون المستهلك في وزارة التجارة والصناعة صالح الخليل، أن أولى شحنات الأسمنت التي اتفقت الوزارة مع 4 شركات، على ضخها في أسواق "مكة المكرمة، جدة، الطائف" نسق لها أن تصل بنهاية يوم أمس إلى كافة المناطق.

وأوضح الخليل في تصريح إلى "الوطن" أول من أمس، أن الوزارة تعمل مع الشركات المتفقة معها على تسيير نحو 10 شاحنات يومياً إلى الأسواق الثلاثة، حتى عودة الطاقة الإنتاجية لشركات المنطقة إلى معدلاتها الطبيعية، مشدداً على أن تم تحديد سقف السعر عند 14 ريالاً.

وكانت "التجارة" أعلنت أمس، اتفاقها مع شركة أسمنت الجنوبية، لسد الطلب في سوق مكة، وشركة أسمنت نجران في سوق محافظة الطائف، وشركتا أسمنت الشمال والجوف ستعملان لتلبية الطلب في جدة.

وأوضح عدد من أصحاب العمائر التي تحت الإنشاء أن الزيادة الجديدة في الأسعار أدت إلى نشوب خلافات بين أصحاب العمائر والمقاولين وتعطل العمل في المشروعات السكنية، مستغربين نقص الكميات بشكل مفاجئ وارتفاع الأسعار دون أي أسباب متهمين الموزعين بإخفاء الكميات في المستودعات ورفع الأسعار.

وذكر المواطنون علي قائد وعطية السلمي وفهد السلمي ومحمد الحربي أنهم فوجئوا بعدم وجود الأسمنت في الأسواق وارتفاع الأسعار لأكثر من 20 ريالا للكيس إضافة إلى أن المحلات لا تبيع أكثر من خمسة أكياس للشخص الواحد.

وأشاروا إلى أن الارتفاع الكبير أثر على ميزانياتهم التي تم رصدها لبناء المشروعات السكنية وأحدث مشكلات مع المقاولين الذين يرفضون تحمل الزيادة الكبيرة في الأسعار.

وفي منطقة المدينة المنورة لم يمض شهر واحد على تحذيرات أطلقها موزعون وأصحاب شركات المقاولات من حدوث بوادر أزمة أسمنت، حتى شهدت السوق بالمنطقة نقصا واضحا في المعروض وارتفاعا في الأسعار تراوح بين 19 إلى 20 ريالاً للكيس الواحد في السوق السوداء.

وبات واضحا خلال هذه الأيام نقص المعروض، حيث قفزت الأسعار بمعدل 5 و 6 ريالات للكيس الواحد بسبب أعمال صيانة في مصنع أسمنت ينبع.

واشار البائع في محلات طيبة محمد الحربي إلى أنه اضطر لشراء أسمنت من السوق السوداء بمبلغ 18.5 ريالا للكيس نتيجة التأخير في الكميات التي يطلبها من الموزعين في ظل زيادة الطلب التي تسببت في رفع الأسعار.

وأضاف الحربي أنه كان يشتري الكيس بـ14 ريالا ويبيعه بهامش ربح قدره ريال واحد، لكن الموزع رفع السعر أمس إلى 18.5 ريالا للكيس، لذا نبيعه بـ20 ريالا للكيس، وأرجع الحربي أسباب ارتفاع أسعار الأسمنت ـ حسب الموزعين ـ إلى أعمال صيانة في الوقت الحالي لمصنع أسمنت ينبع. في حين يقول البائع عبدالله راضي، الذي يعمل بمتجر للأسمنت إنه يطلب من الموزع 100 كيس يوميا، لكن لا يصله إلا أقل من نصف الكمية المطلوبة، مبررا ذلك بقلة الإنتاج التي أدت إلى خفض الكميات الموزعة حتى يتم إرضاء كافة عملائه. في حين ألقى كل من محمد الجابري ومنصور الرحيلي ـ وهما موزعان ـ باللائمة على المصانع لاختلاقهم الأزمات، وطالبا وزارة التجارة والجهات العليا بالتدخل لإيجاد حلول لهذه الأزمة التي قد يستغلها ضعاف النفوس.

وكشفا عن أن وجود كميات كبيرة من الأسمنت بالسوق السوداء قادمة من مصانع مناطق أخرى حيث تباع بأسعار تتجاوز 20 ريالا للكيس.

وأبدى كل من المواطن محمد الحيسوني وعلي الحربي ويوسف العامري تذمرهم من نقص المعروض من الأسمنت في السوق خصوصاً في اليومين الماضيين وعدم حصولهم على الكميات التي يريدونها مطالبين إدارات مصانع الأسمنت السعودية بضرورة العمل على دعم النقص في حال وجود نقص بأي منطقة وعدم استغلالها في استنزاف أموال المواطنين دون وجه حق والعمل على توفير الكميات التي يحتاجها السوق قبل بدء أي أعمال صيانة في أي مصنع.

ورصدت "الوطن" على طريق القصيم ـ المدينة المنورة السريع أمس عشرات الشاحنات المحملة بكميات كبيرة من الأسمنت قادمة من منطقة القصيم وتتجه إلى منطقة المدينة المنورة ومدينة جدة لبيع تلك الكميات في أسواقهما، التي تعاني من النقص الشديد.

ويقول سائق إحدى شاحنات شركة المسارات الأربعة هندي الجنسية لـ"الوطن" إنه تمكن أمس "الأحد" من تحميل الكمية من مصنع بالقصيم بسعر 16 ريالا للكيس ويرغب ببيعها في المدينة المنورة بسعر 20 ريالا للكيس.

في حين يقول السائق الباكستاني الجنسية محمد نور الدين شاه إن كفيله طلب منه تحميل الشاحنة بكميات من الأسمنت من مصنع أسمنت القصيم وبيعها في سوق محافظة جدة للنقص الشديد الذي تعاني منه سوق الأسمنت في المحافظة. وأوضح أن سعر شراء الكيس 16 ريالا للكيس ويرغب ببيعها بسعر السوق في محافظة جدة. "الوطن" أجرت أمس عددا من الاتصالات بمدير فرع وزارة التجارة في المدينة المنورة خالد بن قمقمجي للتعليق على هذا الأمر إلا أنه تعذر ذلك.