أنا أحد العاملين، والمستفيدين من هذه الصناعة، حيث عملت، مع آخرين، خلال الـ16 عاما الماضية على تأسيس شركتين مساهمتين (المجموعة، وبتروكيم)، برؤوس أموال قدرها 9.3 مليارات ريال، ومجموع استثمارات تجاوزت 32 مليار ريال.
سبب الحاجة للدفاع، هو أنه كثر مؤخرا النقد لهذه الصناعة، واتهمت بعدة تهم منها:
1 – إن صناعة البتروكيماويات السعودية مدللة.
2 - إن ارامكو كان يمكن أن تحقق دخلا أكبر، لو صدّرت الغاز.
3 – إن هذه الصناعة لا تساهم في حل مشكلة البطالة.
وهنا أود أن أفنّد هذه التهم، مستعينا بدراستين قام بهما استشاريان هما: (مكتب ماكنزي للاستشارات، ومكتب مونيتور الاستشارية)، كل منهما قام بدراسته مستقلا، ولكنهما اتفقا على الاستنتاجات النهائية، وهي:
1 - تجاوزت مساهمة الصناعات البتروكيماوية المباشرة في الناتج المحلي للسنوات السبع الأخيرة 225 مليار ريال، بمتوسط سنوي 32 مليار ريال. ويمكن أن تزيد تلك الاستثمارات مستقبلا، لو توفر المزيد من الغاز.
2 – يستحوذ قطاع البتروكيماويات على نسبة 35% من تداولات سوق الأسهم، وهو القطاع الأكبر في السوق.
3 - معدل السعودة في الشركات البتروكيماوية يساوي خمسة أضعاف معدل السعودة في مجال التصنيع عامة، ويتوفر في قطاع البتروكيماويات أعلى معدل للرواتب والأجور، كما تعمل الشركات البتروكيماوية على تدريب وتأهيل كفاءات عالية من العمالة تفوق معدل الصناعات الأخرى بالمملكة.
4 - بلغت معدلات السعودة في صناعة البتروكيماويات 80%، وبلغ عدد العاملين ما يقارب 30 ألف موظف يعملون مباشرة، وأكثر من 150 ألف وظيفة في القطاعات المساندة لهذه الصناعة. نعم هذه الصناعة لن تحل مشكلة البطالة، لأن أساس نجاح هذه الصناعة هو اعتمادها على التقنية الحديثة والآلة كبديل عن الاستخدام المكثف للعمالة.
5 - أدت صناعة البتروكيماويات بالمملكة إلى إنشاء عدد من مراكز البحث، وبرامج التعليم بالجامعات.
6 – الحكومة هي أكبر مستثمر في هذا القطاع، من خلال شركتي أرامكو، وسابك، وستصبح الحكومة السعودية أكبر مستثمر في العالم في هذه الصناعة، بعد استكمال مشروع صدارة (أرامكو – داو).
7 - أتاح نشاط البتروكيماويات مساهمة صناديق التأمينات، والتقاعد، وهو ما يؤثر بشكل إيجابي على الاستثمارات التي تخدم أكثر من 1.2 مليون متقاعد، ومتقاعدة.
8 – عوائد هذه الصناعة ليست عالية، إذا أخذ في الاعتبار طول المدة التي تحتاجها لتطوير مشاريعها، ولو وضع المساهمون أموالهم في مشاريع بديلة (القطاع العقاري)، لحققوا عوائد أكبر.
9 – هذه الصناعة وضعت المملكة على خارطة العالم، كلاعب رئيسي، وحققت لها احترام العالم، من حيث جودة المنتج، والقدرة التسويقية، والتمويلية.
10- ليس صحيحا أن المملكة كان يمكن أن تحقق دخلا أكبر من تصدير الغازات، بدلا من تصنيعها، فغاز الإيثان يحتاج إلى استثمارات كبيرة، ووسائل نقل متخصصة، تجعل عملية تصديره أكلف من تصنيعه محليا، وبالنسبة لباقي أنواع الغاز، فالسعر الحالي يمثل فقط الفارق، بين تكاليف الشحن، والتسويق، والتأمين، والتخزين، والمناولة، وهو منسوب إلى سعر النافثا في اليابان، والذي يعتبر الأعلى في العالم.
أخيرا، وفي كل مرة أزور مصنع بتروكيماويات، وأستمع إلى ذلك الشاب السعودي، لابسا بنطلونا خاكيا وقميصا، ويشرح بكل دقة تفاصيل عمله، أشعر بالفخر، بأولئك الشباب، وبكل من ساهم في توطين تلك الصناعة.