تبعث المواقف الأخيرة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن جهود حل القضية الفلسطينية، برسائل متناقضة حول مدى جدية المحتوى الحقيقي لهذه الجهود. فقد أحبطت واشنطن جهود اللجنة الرباعية الدولية لإصدار إعلان يحدد بصورة واضحة مرجعية الحل النهائي كما تراه اللجنة وهو إعلان وضعته الدول الأوروبية الأعضاء في اللجنة بموافقة غير مباشرة من روسيا. وقد اضطرت اللجنة إلى إلغاء اجتماعها الذي كان سيبحث صيغة الإعلان بعد إلحاح واشنطن على تأجيل الأمر برمته.

فضلا عن ذلك فإن الإدارة الأميركية أعربت عبر اتصالاتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية عن رفضها لتوجه الفلسطينيين بدعم عربي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل لاستصدار قرار يعلن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967. وقالت الإدارة في تفسير رفضها إن صدور مثل هذا القرار لن يغير من الأمر على الأرض وإن مواقف مشابهة اتخذت من قبل ولم تسفر عن قيام الدولة الفلسطينية. وصرح عضو مجلس الشيوخ البارز جون كيري بأن السعي لصدور القرار سيزيد من تصلب الإسرائيليين وسيؤدي إلى التشويش على الجهود التي تبذل لإيجاد حل عملي.

وفي المقابل فإن هناك تواترا ملحوظا في التقارير التي تكشف عن اعتزام واشنطن تقديم إطار للحل النهائي كما تراه. غير أن هناك ما يمكن أن يؤدي إلى خلط الأوراق التي توضع الآن على الطاولة. فقد قال الباحث المعروف في مركز دراسات سياسة الشرق الأدنى قريب الصلة من إسرائيل ديفيد ماكوفسكي، إن الدعوة المتزايدة بين الشباب في الضفة الغربية وغزة ببدء الانتفاضة الثالثة الشهر المقبل قد تتحول إلى عنصر مفاجئ يغير من أغلب المواقف التي تتبناها الأطراف ذات الصلة. وقال ماكوفسكي إن السلطة الوطنية ترفض المشاركة مع الإسرائيليين في مفاوضات جديدة على نفس الأسس السابقة من زاوية أن أفضل المواقف الإسرائيلية لا يحقق الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.

وفي خضم الحوار الدائر تكشفت بعض ملامح الإعلان الذي يعتزم الرئيس أوباما إصداره بشأن تصورات الولايات المتحدة للوضع النهائي في أي تسوية بين الجانبين. فقد تبين مثلا أن إعلان الرئيس سيتضمن النص على أن إسرائيل هي وطن قومي لليهود بحقوق متساوية لكل مواطنيها وأن الدولة الفلسطينية هي دولة مستقلة للفلسطينيين بحقوق متساوية أيضا لكل مواطنيها. كما يتضمن الإعلان نصا بأن حدود 1967 هي "خط الأساس" في رسم الحدود بين الدولتين وهي التي ستحدد المساحات التي يمكن تبادلها بينهما عند عبور هذا الخط في مناطق المستوطنات الكبرى مثلا. فضلا عن ذلك فإن الإعلان سيتضمن أن تكون نسبة تبادل الأراضي متساوية تماما فإذا حصلت إسرائيل على ميل مربع من الأراضي الفلسطينية فان عليها أن تتنازل عن ميل مربع من أراضي 1948 للدولة الفلسطينية الوليدة. فضلا عن ذلك فإن الإعلان سينص على أن تصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وفق إطار معين يتفق عليه الطرفان بمشاركة من المجتمع الدولي.