في "النت" عموماً وشبكات التواصل خاصة كانت موجة الغضب عالية جداً من رفض أعضاء مجلس الشورى زيادة الحد الأدنى من رواتب المتقاعدين، ثم اكتشف الجميع أن المقصد من الرفض يصب إيجاباً لا سلباً لصالح المتقاعدين؛ لذا كان الأسف المقدم لهم واجب، لكن ليسمح لي أعضاؤه الكرام بتناول الموضوع من جهات أخرى استوقفتني.
أولها أن المجلس ـ وأنا متابعة لأعماله ـ كان يرفض رفع الحد الأدنى لأسباب من أهمها أن رواتب المتقاعدين لو رفعت فيما فوق 3000 فهذا يعني حرمانهم من الضمان الاجتماعي، وهو رافد مقبول إلى حد ما يساعدهم ويساعد أسرهم، ولا أدري ماذا سيحدث الآن، هل بسبب الرفع إلى 4 آلاف سيحرم الأب المتقاعد من إعانة الضمان الاجتماعي؟ أم يقوم المجلس برفع اقتراح لجعل شروط الضمان الاجتماعي أكثر مرونة بحيث يظل راتب الضمان - وهو قليل - في متناول الأب المتقاعد؟
ثانيها أن كلمة متقاعد ورب أسرة تعني للأسف الحاجة في بلادنا، وهذا غير مقبول مطلقاً في دولة الإنسانية التي يقوم عليها رجل كالملك عبدالله بن عبدالعزيزحفظه الله، ففي بلاد أخرى هناك إعانة للمدارس، وإعانة للغذاء، وإعانة للنفط، وإعانة للكهرباء، وللأسف لا يحصل المتقاعد لدينا على شيء من هذا، إنه يقف وحده في مواجهة غلاء فاحش المتسبب فيه هو ارتفاع أسعار البترول، فإذا كانت بلاده منتجة للنفط فيجب علينا أن نعوضه ونقف معه؛ لذا أتمنى من مجلس الشورى ألاّ يقف اهتمامه بالمتقاعدين عند حد الرواتب، فهؤلاء خدموا البلاد وأفنوا شبابهم ويستحقون في شيبتهم حياة كريمة تليق بهم كسعوديين.
أيضاً أتمنى ألاّ ينسى المجلس الموقر المعينين على بند الأجور، وهم الذين أنقذهم الملك عبدالله بقراره التاريخي بتثبيتهم، فهؤلاء أمضى بعضهم عشرات السنين في خدمة الدولة، وسن التقاعد يهدد رواتبهم، فماذا سيفعل مجلس الشورى لهم؟ وماذا سيكون وضعهم بالضبط؟
ما أود ذكره أيضاً أن المجتمع يعول كثيراً على مجلس الشورى، وهو ما يجعلنا نتمنى معه أن ينشغلوا بما فيه صالح المجتمع قبل صالحهم هم كأعضاء، وأن يتذكروا أن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وهم - أي أعضاء مجلس الشورى - لهم مكانتهم وقربهم من القيادة؛ لذا نعول كثيراً على استشعارهم لقضايا الناس كونهم صوتاً للناس لا صوتاً لذواتهم فقط.
والواقع يخبرنا أنه لا أحد يبقى في مكانه طويلاً، ولكن الإنسان هو فقط من يحدث الفرق في مكانه الذي سيغادره قريباً.