أكد أستاذ علم النفس السياسي الدكتور قدري حفني؛ أن بلاده لن تحقق شيئاً حقيقياً ما لم يتم احترام رأي الأغلبية حتى وإن كان هناك اختلاف معها، مطالباً النخبة المصرية بمراجعة مواقفها في التعامل مع الجمهور المصري.
وقال حفني - الذي كان يتحدث مساء أول من أمس، أمام منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية في ندوة بعنوان "الشخصية المصرية بعد ثورة 25 يناير" ، وأدارها استشاري الطب النفسي بالمعهد الطبي القومي بدمنهور الدكتور ماجد موريس؛ - إنه لا يوجد أي حدث في العالم، مهما بلغت ضخامته، يمكن أن يغير من الشخصية؛ إذ إن الشخصية القومية تبنى وتتغير عبر أجيال، لافتا في هذا الإطار إلى أن ثورة 25 يناير كشفت الغطاء عن جوهر الشخصية المصرية الحقيقية.
وأضاف حفني أنه لسنوات ظل البعض يردد على مسامعنا أن المصريين ميالون إلى العنف خاصة الطائفي، ويوردون أمثلة لوقائع حدثت تؤكد ما يطلقونه، كما كان يغذي ذلك إسدال ستار من الغموض على الكثير من التفاصيل، إلا أن ثورة 25 يناير جاءت لتنفي ما كان يتردد؛ حيث لم تتعرض كنيسة أو معبد يهودي لاعتداء طوال فترة الغياب الأمني، منوّها إلى أن المعبد اليهودي في شارع عدلي وسط القاهرة يقع في مسار المظاهرات، وهو واضح وعليه نجمة داوود، إلا أنه لم يحدث أي اعتداء عليه رغم الغياب الأمني، في الوقت الذي أحرقت فيه مؤسسات رسمية.
وأشار حفني إلى أن المصريين ليسوا متعصبين طائفيا، مضيفا أن ما حدث لكنيسة قرية صول في حلوان هو نتاج المنتفعين من النظام السابق الذي استمر لثلاثين عاما، أو حتى إلى 60 عاما، ممن يحاولون الإبقاء على النظام السابق والأفكار التي كانت سائدة آنذاك.
ولفت حفني إلى أنه مما كان يردد أيضا قبل ثورة 25 يناير أن المصريين غير منظمين ولا يتقنون مهارات العمل الجماعي، إلا أن الثورة والاستفتاء على التعديلات الدستورية نفيا ذلك بشكل قاطع؛ حيث وقف المصريون في طوابير طويلة بشكل منظم وحضاري، كما شهد ميدان التحرير أثناء الثورة تظاهرات مليونية واعتصامات استمرت لـ 18 يوما، إضافة إلى اللجان الشعبية التي تم تشكيلها لحماية الأحياء، ولا يمكن لذلك أن يتم دون قدر كبير من العمل الجماعي.
وأكد حفني أن الحرية تؤدي إلى تعدد الآراء وتنوعها، وهو أمر صحي سيؤدي بنا إلى التحرك على طريق المجتمعات المتقدمة، بل وأن نكون أفضل منها، نظرا لأن البناء القيمي والأخلاقي للمصريين جيد.
وأوضح أن العلاقة بين النخبة والجمهور ظاهرة عالمية، وإلا ما أطلق عليهم نخبة، إلا أنه في حال ما وجهت النخبة الجمهور لرأي ما دون أن يستجيبوا لهم، فإن النخبة عليها أن تراجع نفسها، منبها إلى خطورة أن يتم القول بأن من لم يتبعني فهو خاطئ؛ إذ إن الخطأ يقع على من لم يقنع الآخرين برأيه.
واستغرب الدكتور قدري حفني الخوف من سيطرة الإسلاميين على الحكم في الانتخابات المقبلة قائلا إنها ليست آخر الانتخابات، مضيفا أننا كنا قد جربنا الإقصاء والاستبعاد ولم ننجح نحن وغيرنا من دول العالم، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة تكمن في الاختيار، وتصحيح الاختيار عقب ذلك في حال تبين أنه كان خاطئا، مؤكدا "لو لم نحترم الأغلبية وإن اختلفت معنا؛ فإننا لم نحقق شيئا، ولو كان اختيار الأغلبية خاطئا من وجهة نظرنا؛ فإن مسؤولية ذلك تقع علينا".