"وحش قندهار" أم "طائر الجنة"؟ ماذا يمكن أن نسمي الطائرات الأميركية بدون طيار؟

تسبب إنزال طائرة أميركية بدون طيار عن طريق فخ إلكتروني على يد الاستخبارات الإيرانية، بحسب المسؤولين الإيرانيين، بجدل وتخمينات واسعة. يوم الخميس الماضي، بث التلفزيون الإيراني فيديو مفصلا عما قالوا إنها طائرة أميركية دون طيار من نوع (RQ-170 Sentinel). هذه الطائرة الشبيهة بجناح الخفاش والمزودة بتقنية قادرة على تجنب الرادار، تستطيع أن تحوم ساعات على ارتفاع 50,000 قدم وتراقب ما يجري على الأرض.

الطائرة بدون طيار التي استخدمتها القوات الأميركية بشكل واسع في الحرب على الإرهاب في أفغانستان والعراق، استخدمت أيضا في مطاردة أسامة بن لادن وفي مراقبة المناطق القبلية الشاسعة في باكستان وأفغانستان. الطائرة، التي يطلق عليها أيضا اسم "حيوان قندهار"، كانت مزودة بأحدث التكنولوجيا والقدرة على تدمير الذات في حال حدث لها ما حدث في إيران! لكن من غير الواضح كيف تمكنت إيران، حسب ادعائها، من السيطرة على الطائرة الصغيرة من خلال اختراق نظام السيطرة وأن تنزلها دون أن يلحق بها أذى في إيران!

المسؤولون الأميركيون قالوا إن سبب خسارة الطائرة كان خللا فنيا. كيف يمكن لهذه الطائرة، التي كان يتحكم بها عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في أفغانستان، أن تنتهي على الأرض في إيران وهي بصورة شبه سليمة تماما؟ ما رأيناه على التلفزيون الإيراني يظهر طائرة لم تتعرض سطحيا لأي ضرر، لكنها كانت مغطاة من الأسفل بلافتات مليئة بالشعارات المعادية لأميركا. ليس من الواضح فيما إذا كانت هذه اللافتات استخدمت في الواقع لتغطية الجزء المتضرر في أسفل الطائرة، لكن المؤكد هو أن هذه الطائرة المتطورة التي تستخدم للتجسس يمكن أن تقع في أيدي أعداء الولايات المتحدة مثل الروس والصينيين.

الرئيس أوباما طالب إيران بإعادة الطائرة للولايات المتحدة، لكن ذلك على الأغلب لن يحدث لأن العلاقات بين البلدين في أدنى مستوى لها وهي عدائية إلى حد ما.

الولايات المتحدة لم تعترف مطلقا أنها أرسلت الطائرة للتجسس على إيران؛ حلف شمال الأطلسي أعلن عن فقدان طائرة التجسس على الحدود الشمالية لإيران مع أفغانستان حيث كانت تقوم بمهمة هناك. التلفزيون الإيراني قال إن وحدة الحرب الإلكترونية في الجيش الإيراني تمكنت في 4 ديسمبر من إنزال الطائرة دون إصابتها بأضرار حقيقية فيما كانت تطير فوق مدينة كشمار في شمال شرق إيران، والتي تبعد حوالي 220 كيلومترا عن الحدود الأفغانية.

ومهما كانت ادعاءات كل من الطرفين، فإن إيران وجدت فرصة ممتازة لاستخدام الحدث من أجل دعاية يحتاج إليها النظام الإيراني بشكل كبير. هذا الحدث سيساعد النظام على عرض قوته المتزايدة ضد الإمبريالية، وإظهار جاهزية الجيش الإيراني لصد أي انتهاك على حدوده، وأنه يراقب عن كثب أي محاولة للتجسس عن طريق الطائرات بدون طيار.

ربما تطلق السلطات الإيرانية تسمية "طائر الجنة" الذي حط بين أيديهم في وقت كانوا يحتاجون فيه إلى الدعاية بشكل كبير ضد الولايات المتحدة في ضوء العقوبات المكثفة التي تجعل الحياة صعبة للحكومة في إيران وتزيد من امتعاض الشعب الإيراني.

إيران احتجت رسميا الأسبوع الماضي لدى مجلس الأمن ولدى السفير السويسري في طهران الذي يرعى المصالح الأميركية حول انتهاك الطائرة للأجواء الإيرانية. كما احتجت إيران لدى أفغانستان لأنها سمحت للأميركيين باستخدام أراضيها كقاعدة للتجسس على إيران.

الرئيس الأميركي باراك أوباما طالب بإعادة الطائرة إلى أميركا خلال مؤتمر صحفي كان يعقده مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في واشنطن. وبالطبع فقد رفضت إيران الطلب الأميركي، ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي قوله إن الطائرة "ستبقى في حوزة إيران كجزء من ممتلكاتها وستقرر إيران ما ستفعله حول القضية في المستقبل".

وفي جميع الأحوال فإن مطالبة الرئيس أوباما باستعادة الـطائرة مع علمه المسبق بأن إيران سترفض ذلك ربما كان الهدف منه الادعاء أن الـطائرة لم تكن تقوم بمهمة فوق الأراضي الإيرانية وأنها عبرت الحدود عن طريق الخطأ، لكن الإيرانيين لا يرون الأمور بهذه البساطة.

إيران ترى نفسها في مواجهة غير رسمية مع الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية. قد يكون النظام الإيراني غير قادر على الرد بشكل متوازن على الولايات المتحدة، لكنه يستطيع أن يعرض صور الطائرة على التلفزيون الإيراني مرات ومرات ويدعي بفخر أنه حقق انتصارا على "الشيطان الأعظم".

من الواضح أنه طالما أن القوات الأميركية موجودة على الأرض في الدول المجاورة، العراق وأفغانستان، فإن الحكومة الأميركية لن تفعل شيئا خطيرا أو إجراء جديا ضد إيران بسبب قدرة هذا البلد على الوصول إلى القوات الأميركية، ولكن ما أن تغادر القوات الأميركية المنطقة، وقد غادرت العراق بالفعل مؤخرا، فربما تستطيع الولايات المتحدة أن تتحرك بحرية أكبر ضد إيران في المنطقة.

انتهى الوجود العسكري الأميركي في العراق، وسينتهي كذلك في أفغانستان بعد حوالي عامين بحسب الخطة الموضوعة لذلك، وحينها قد نرى صورة مختلفة.