جاءت قرارات التعديلات الوزارية الأخيرة في وقت شهدت فيه الساحة الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الانتقادات لأداء بعض الوزارات. المهم هو أننا نتبنى وجهة نظر خادم الحرمين الشريفين بشكر وتقدير جهود المسؤولين الذين غادروا هذه الوزارات المهمة، التي تمثل عقل الدولة وجيب المواطن وسمعة المملكة في العالم الإسلامي وحاضر ومستقبل العاملين في الدولة.

طال النقد وزارة الاقتصاد والتخطيط من كل الشرائح. أكبر أسباب النقد هو أن الخطط الخمسية للدولة ما زالت تصاغ بطريقة موضوعية، وليست رقمية.

تكررت نفس الأهداف ونفس الأسس الاستراتيجية في كل خطة. ابتعدت الخطط عن المعايير العالمية التي تبنى عليها الخطط وأبسطها مبدأ (SWOT) الذي يعالج مواطن القوة والضعف والفرص المتاحة والتهديدات المحتملة، حتى الأهداف كانت تصاغ بعمومية تفتقد لمؤشرات قياس أداء.

بعد انضمام مصلحة الإحصاءات العامة للوزارة، كان المؤمل أن تبرز الشفافية في الخطط لكن ذلك لم يحدث.

ضم الاقتصاد لوزارة التخطيط لم يعط الوزارة أي صلاحيات إضافية. غابت وزارة التخطيط عن أغلب المؤتمرات والندوات والفعاليات الاقتصادية. حتى المنظمات والصناديق الدولية والشركات العامة كانت خارج صلاحية الوزارة.

المهمة التي نتوقع أن يبدأ بها معالي الوزير عهده هي الخروج من عباءة وزارة المالية، لابد أن تكون لوزارة التخطيط والاقتصاد شخصية اعتبارية قوية. تهدف لتقديم خطة علمية للدولة وقدرة على التأكد من أن كل الوزارات تلتزم بهذه الخطة.

يخطط الجميع اليوم و ينفذون بعيداً عن الخطة العامة للدولة. كيف يستطيع معالي الوزير أن يجعل الخطة علمية وقابلة للتطبيق والرقابة؟ ربط الميزانية بالخطة هو أهم عمل يجب أن يعمل الوزير لتحقيقه. لهذا أعتقد أن ربط الإدارة العامة للميزانية بوزارة الاقتصاد والتخطيط هو الخطوة الأولى نحو تحويل الخطة إلى أمر ملموس ونتائج يمكن ربطها بالأهداف. متابعة إنجازات الخطة وتحقيق أهدافها، جزئية مهمة كذلك وهي مهمة أساسية للوزارة. تضمن المتابعة التزام الجميع بتنفيذ الخطة بطريقة علمية.

تمثل وزارة التجارة والصناعة جيب المواطن. تهمني صناعة وطني ويهمني أن تدعم هذه الوزارة الصناعات الأهم التي يمكن أن تقلل اعتماد الدولة على النفط كمصدر للدخل. يهمني أن يجد المواطن مكانه في هذه الصناعة من خلال القوانين الحامية والدخل المعقول الذي يمكن المواطن من أن يقف على قدميه ويجد مكاناً يعمل فيه خارج القطاع العام. وأن تفرض وزارة التجارة قوانين حمائية للسوق تحافظ على صحة ومال المواطن. حماية المستهلك هي الجزئية الأهم التي يحتاجها المواطن. نريد سوقاً مفتوحة وأسعاراً معقولة ومواصفات جودة عالية. يقع معالي وزير الخدمة المدنية في موقع أفضل من الجميع. يأتي الوزير وهو يعلم أن النظام قديم ومرفوض من قبل الجميع. يأتي والوزارة تسيطر على مفاصل الدولة وتعيق كل محاولات الخروج بأنظمة أكثر حداثة ومراعاة لظروف الدولة والمواطن. يأتي على نظام لا يعتمد على الكفاءة وإنما على الحضور والانصراف. يستلم وزارة تعد مادة للتندر والشكوى. إذاً لا يستطيع معالي الوزير إلا أن يحقق نتائج إيجابية.

أتوقع، كمواطن، أن يكون أول إنجاز للوزير الجديد هو تغيير نظام الخدمة المدنية. هذا النظام مرت عليه سنون طويلة والتعديلات عليه أصبحت أضعاف حجم النظام الأساس، هذا دليل على أنه لا بد من تغيير نظام الخدمة المدنية. عدد المراتب معقول لكنه يعيق الحركة. يمكن أن تتبنى الوزارة مفهوم نظام الخدمة العسكرية في إمكانية شغل الموظف لمرتبتين أعلى. يمكن كذلك تقسيم المراتب إلى ثلاث أو أربع مجموعات بحيث تكون الترقية داخل المجموعة آلية لا تستدعي العودة لوزارتي المالية والخدمة المدنية في الإحداث. يجب أن تكون لكل مجموعة ضوابط واضحة تقلل من البيروقراطية وتعطيل الترقيات خصوصاً في مراتب المجموعتين الأدنيين.

تقويم الأداء الوظيفي لا بد أن يربط بمعايير واضحة قابلة للقياس تعتمد على الإنتاجية وتدعم التنافسية والجودة. شغل الوظائف يجب أن يكون أكثر مرونة. تقليل عدد مسميات الوظائف، بما يسمح للقطاعات المنفذة بحرية الحركة، فمسمى وظيفة مهندس مثلاً يكفي لتتمكن الوحدة الإدارية من شغل الوظيفة بالنوعية التي تحتاجها من المهندسين، أما أن نوجد عشرين أو ثلاثين مسمى للوظيفة، فهو معيق للتعيين والترقية وتلبية حاجة القطاع، التي تغير مع الوقت، وهذا مجرد مثال.

سلم الرواتب بحاجة لدراسة جادة بحيث يضمن أن يكون الحد الأدنى للرواتب والحد الأعلى متماشيين مع الوضع الاقتصادي للدولة، وحالة السوق. يمكن كذلك أن تعاد دراسة البدلات بحيث تصرف حسب حاجة سوق العمل والموظف.

أما معالي وزير الحج فأتمنى له التوفيق، ولا أدعي الخبرة في اختصاصه، إلا أن ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخراً من تجاوزات في تقويم مؤسسات الطوافة وإجراءات اختيار المباني المخصصة للحجاج باعتماد طرق غير أخلاقية أمر مقلق، خصوصاً أن الدولة تضع الحج و العمرة في أعلى اهتماماتها، وهما أكبر صلة بين المملكة ودول العالم سواء الإسلامية وغيرها. فالوزارة التي تساهم بتكوين رأي عام إسلامي عن المملكة، لا بد أن تضع سمعة المملكة فوق كل شيء.