مياه زمزم تباع بحجم واحد يعادل (لترا ونصف اللتر) في محلات خاصة بالتسجيلات الإسلامية. قد يبدو ذلك غير مألوف، إلا أن هذه المياه الخاصة في مفهوم البعض قد تشفي من "العين" أو "السحر" لأنه قيل لهم فقط إنه تمت قراءة آيات قرآنية عليها.
في منطقة تبوك، شمال المملكة، انتشرت في كثير من محلات التسجيلات الإسلامية ظاهرة بيع عبوات المياه "المقري عليها" ويتناقل الكثيرون أسماء تلك المحلات حتى أصبحت مشهورة في أوساط المجتمع. وعلى الرغم من أن مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تبوك الشيخ سليمان العنزي أكد أن هناك رقاة شرعيين حددتهم الهيئة في المعالجة بالرقية، إلا أن هذه المحلات تمارس نشاطها في بيع مياه زمزم على أنه قرئ عليها وأنها قادرة على الشفاء. وأكد العنزي في تصريح إلى "الوطن" أن المعالجة بالرقية لها أسس وثوابت شرعية مستمدة من السنة النبوية الشريفة، وأن بيع مثل هذه العبوات لا يخضع بأي حال إلى الرقابة. وأضاف "محلات التسجيلات الإسلامية تتبع فرع وزارة الإعلام، ونحن عندما نلاحظ عبوات أو أوراقا كتبت عليها العزائم كما يسميها البعض نقوم بسحبها ونطبق النظام بحق صاحب المحل"، إلا أن الشيخ العنزي اعتبر هذا الأمر لم يصل إلى حد الظاهرة.
هذه المحلات لا تبيع المياه فقط بل إنها تبيع ما يعرف بـ"العزائم"، وهي عبارة عن أوراق تكتب عليها آيات قرآنية من ماء الزعفران تباع بمبالغ تتراوح في الغالب بين 15 و20 ريالا.
يقول الشيخ الراقي الدكتور أحمد المباركي إن العبوات التي تباع لا يمكن أن تكون خاضعة للرقابة الصحية. وتساءل عن دور الجهات المختصة في الحد من تنامي الظاهرة كما وصفها. وأوضح المباركي أنه على الجميع التكاتف من أجل الحد من هذه الممارسات، وخص منهم أئمة المساجد الذين هم معنيون بتوعية الناس بأضرار مثل هذه العبوات إذا ما أعطيت دون ضابط صحي.
المواطن (ص. ع) التقته "الوطن" أثناء شرائه إحدى هذه العبوات، قال إنه يعتقد إصابته بـ"العين" أو الحسد وإن أحد الرقاة أرسله إلى المحل لشراء الماء "المقري" عليه والعسل، مبيناً أنها المرة الأولى التي يتم فيها توجيهه بشراء هذا النوع من الماء. وعن قناعته بالأمر قال "أنا مضطر وسأركب الصعاب لأني لا أريد إلا الشفاء".
وفي تصريح إلى "الوطن" ذكر مدير قسم صحة البيئة بأمانة منطقة تبوك الدكتور رياض غبان "أن هذه المياه والزيوت والأوراق التي تباع في محلات التسجيلات الإسلامية لا تقع تحت مسؤولية الأمانة لكونها تباع في محلات غير مرخصة من قبل الأمانة لمزاولة بيع هذه المواد". وأضاف "هذه المحلات لا تقع تحت الرقابة الصحية وشأنها شأن شرعي يعود للجهة ذات الاختصاص التي تشرف على الرقية الشرعية، وهي الجهة التي أصدرت تراخيص مزاولة نشاط التسجيلات في بيع المواد، ولا أعتقد أن هاتين الجهتين تسمحان ببيع مثل هذه المواد".