العناوين الكبيرة التي ظهرت في حياة النساء السعوديات مؤخرا ليست مجرد عناوين بقدر ما هي نوافذ أشرعت للضوء لينفذ إلى زوايا أحلامهن وآمالهن، ثقافية كانت أو اجتماعية أو حقوقية. نحن نسير بالاتجاه الصحيح إلا أن المتغيرات الثقافية لا تتشكل بين يوم وليلة على أرض الواقع، لهذا فإنه آن الأوان أن يتم الكفّ عن التعامل مع الدور الثقافي للمرأة كحالة آنية وطارئة، بل ينبغي إدماجه كمشروع ثقافي وتبني الإستراتيجيات الضرورية لجعل المرأة مؤهلة لاستحقاقات التغيير، وتبوء مكانتها كشريك فعلي في التنمية الثقافية.
بالأمس بدأت فعاليات ملتقى المثقفين الثاني، والدور الثقافي للمرأة، هو أحد محاور ملتقى المثقفين الذي نأمل من خلاله أن نخرج بمحاور تحقق آمال ومتطلبات المرحلة التي تمر بها المرأة على صعيد المكاسب والمتغيرات الثقافية. ومن اللافت عبر برنامج الملتقى هو حصر مشاركة المرأة من خلال محور يتحدث عن الشأن الثقافي النسوي وحسب، بحيث إنه يتجاهل إدماج حوارها في القضايا الثقافية والوطنية العامة، مما يعني أننا سنظل ضمن دائرة محددة، الأمر الذي يؤدي إلى ترسيخ مفهوم حصر النساء بقضاياهن ويحكم عليهن بالعزلة والانعزال عن المشروع الكبير للثقافة.
ولعل السؤال عن دعم و تطوير دور المرأة في المشروع الثقافي على أرض الواقع سيكون الأكثر إلحاحا وحاجة ليتوافق ومستوى طموحنا، والذي هو أكبر من دور ثقافي مواز تشارك فيه المرأة صوتا وحضورا، ومن جانب آخر وعلى هامش الملتقى تلقينا وعودا بإعادة هيكلة المشروع الثقافي حسب القائمين عليه، الأمر الذي لن نتنازل عنه كمطلب من متطلبات مشروع تطوير واقع المرأة ثقافيا، والذي أساسه يتمثل في رفد تطورها الثقافي. ويظل السؤال: هل معايير الاختيار لممثلي هذا المشروع تتناسب والمرحلة الحالية من تمكين المرأة ثقافيا على أساس الإنجاز الحقيقي بعيدا عن الصور التي تقرب وتقصي صانعي الدور الثقافي حسب أجندات معينة؟
نعم الإبداع لا يصنع في أروقة الملتقيات، ولكنه يصبح واقعا إذا ما كان هناك بيئة ثقافية ومحاضن جادة مهيأة لتنهض به وتفتح له آفاقا أرحب وأوسع، وهو ما يجب أن يكون أحد أهم التوصيات لمحور الدور الثقافي للمرأة.
نتطلع أيضا بأمل إلى أن تهطل سماء الملتقى فيض غيث لتعزيز دور المرأة في المجال الثقافي بكافة منافذه واستحقاقاته، وإلى نقل تلك المشاريع من الورق إلى قلب الواقع.