الصحوة التي تنتظم التعليم الجامعي في الداخل طالت بإشراقها آمال كل شابٍ يَطمح في الرقي بمستواه التعليمي إلى أسمى المراتب، لا شك في ذلك، فالأخبار التي تطرق أسماعنا من هنا، وهناك عن قيام الكثير من الجامعات الحكومية باستحداث أقسام، ومبانٍ جديدة تخدم تخصصات مستحدثة فيها، وسماعنا كل حين بافتتاح معهد، أو كلية، أو جامعة أهلية جديدة، ما هو إلا أكبر دليل على وجود نهضة تعليمية في هذا الوطن المعطاء، موجهة لكل أطياف المجتمع دون أن تختص بعمرٍ، أو جنس معين، وقد زاد من جمال هذه النهضة مكافأة خادم الحرمين الشريفين لهؤلاء الطامحين بضم أفضل خمسين بالمئة من طلاب الجامعات، والكليات الأهلية بالمملكة لبرنامج المنح الدراسية الداخلية دون أي قيد، أو شرط في نص القرار السامي، ويحق دوماً للجهة المسؤولة عن تطبيق القرار السامي، والمتمثلة في وزارة التعليم العالي باتخاذ الإجراءات اللازمة، أو فرض الشروط التي تضمن أن ينال كل ذي حقٍ حقه.

وقد أطلت علينا وزارة التعليم العالي بنظامٍ إلكترونيٍّ رائع ، اختصر الكثير من الإجراءات، ولكن تشترط وزارة التعليم العالي عدم انخراط المتقدم في أي نوعٍ من أنواع الأعمال على الصعيد الحكومي، أو الخاص، وهذا معضلةٌ جلل، حيث إن المتقدم لا بد أن يمتلك معيلا طوال فترة الدراسة حيث إن التعليم العالي أوضح عدم صرف أي مكافأة مالية للمتقدمين، ولا بد أن يكون المعيل متمكناً قبل هذا من صرف ما لا يقل عن خمسين ألفاً سنوياً كرسوم دراسية لهذا الطالب الذي سيحتاج إلى ميزانية مماثلة تقريباً من أجل المعيشة، وهذا كثير بالنسبة للطبقة دون المتوسطة من المجتمع، فلو افترضنا أن الطالب تقدم لدراسة الطب مثلاً، فإنه سيكون عالةً على معيليه طوال فترة دراسته التي تمتد إلى سبع سنوات أي حتى سن الـ 25 سنة تقريباً، وهذا يُنافي الرؤية الدينية، أو العرفية والتي تحضّ دائماً على طلب الرزق الحلال للمستطيع على ذلك، وما المانع من ذلك إن كنت أمتلك ما يقارب الـ 6 ساعات يومياً أو أكثر وبإمكاني استغلالها في إعالة شخصي، ما المانع أن أكون من حملة الدبلوم وأعمل في إحدى الدوائر الحكومية، أو الشركات الخاصة الكبرى وأملك الوقت الكافي للدراسة، أو حزت على إجازة دراسية دون أن أخاطر بضياع وظيفتي، وأملي في الارتقاء بمستواي التعليمي، مع العلم بأن الكثير من الوزارات والشركات تبتعث موظفيها مع صرف رواتب لهم لدول الخارج بمباركة التعليم العالي.