ساد هدوء مشوب بالحذر قطاع غزة وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية، في ظل الإعلان عن الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل على التهدئة برعاية عربية وأوروبية، في أعقاب تصعيد إسرائيلي أدى لسقوط 19 شهيدا وأكثر من 70 جريحا خلال ثلاثة أيام. وفي الساعات الأخيرة دخل على الخط العديد من الجهات من بينها مصر والأمم المتحدة ودول أوروبية وجميعها سعت لوقف إطلاق النار دون أن تعلن أي جهة رسميا أنها هي من نجح في وقف 4 أيام من التصعيد لم يشهد لها القطاع مثيلا منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
وطالبت الجامعة العربية بفرض حظر جوي على الطيران العسكري الإسرائيلي لحماية المدنيين في قطاع غزة. وقرر مجلس الجامعة في اجتماعه الطارئ أمس بمقر الجامعة برئاسة سلطنة عمان وبحضور الأمين العام للجامعة عمرو موسى تكليف المجموعة العربية لدى الأمم المتحدة بطلب عقد مجلس الأمن للنظر في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بصفة عاجلة، وبوقف حصارها وفرض حظر جوي على الطيران العسكري الإسرائيلي لحماية المدنيين في قطاع غزة.
وأعربت وزارة الخارجية والتخطيط التابعة للحكومة الفلسطينية المقالة عن تقديرها لموقف مصر ودورها الكبير في وقف العدوان الإسرائيلي واستعادة الهدوء في قطاع غزة، كما أعربت عن تقديرها لموقف كل الجهات التي سعت من أجل حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان عليه.
وقالت إن المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة تستدعي وقفة جادة من الأمة العربية والإسلامية على مستوى القيادة والشعوب بما يمكن من إنهاء العدوان وفضح ممارسات الاحتلال، مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني وعدم الاكتفاء بالصمت تجاه ما يجري في غزة.
من جانبها أكدت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أنها وافقت على المقترح الذي تم التوافق عليه برعاية عربية وأوروبية لوقف العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني، "مع الاحتفاظ بحق الرد على أي عملية قد يرتكبها العدو بحق أبناء شعبنا سواء أكانوا مدنيين أو مقاومين".
وقال المتحدث باسم سرايا القدس، أبو أحمد، إن السرايا ملتزمة بالتوافق الفلسطيني حول تهدئة الأمور في قطاع غزة طالما التزم العدو من جانبه بوقف كافة أشكال العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني.
بدورها أكدت كتائب أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على استمرار خيارها في التصدي للعدوان، وعلى موقفها "الثابت" برفض التهدئة. وأعلنت مسؤوليتها عن قصف مدينة عسقلان المحتلة بصاروخ جراد.
إلى ذلك قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إنه إذا أوقفت حركة حماس إطلاق النار باتجاه الأراضي الإسرائيلية فإن إسرائيل ستوقف من جانبها إطلاق النار على أهداف في قطاع غزة.
في غضون ذلك أعلنت الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية أنها "تجري اتصالات مكثفة مع كل من يستطيع أن يعمل على المستوى السياسي والإنساني، لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوميا بحق أهالي قرية عورتا شرق مدينة نابلس".
إلى ذلك استبعدت تقارير أميركية أن تطرح واشنطن أية أفكار جديدة لبدء المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المجمدة، وذلك في قراءة لنتائج زياة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز للولايات المتحدة وزيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لألمانيا هذا الشهر ثم لواشنطن الشهر المقبل. ووصفت الأمم المتحدة الفترة حتى سبتمبر المقبل بأنها حاسمة بالنسبة لجدول أعمال بناء الدولة، مشيرة إلى أنه في 6 قطاعات تنخرط فيها الأمم المتحدة بشكل كبير، فإن الأداء الحكومي الفلسطيني يوازي الآن أداء حكومة دولة.
وقالت مجلة "فورين بوليسي" إن البيت الأبيض يخشى الآن من أي مخاطرة تتعلق بالسياسة الخارجية التي يعطيها موقعا ثانويا على أجندة الرئيس وإن المتوقع خلال العام الجاري إجراء تغييرات كبيرة في طاقم الأمن القومي الأميركي فضلا عن كون العام الجاري هو عام الانتخابات الرئاسية.
وقال عضو فريق السلام السابق والباحث حاليا في مركز وودرو ويلسون للدراسات آهارون ديفيد ميلر إن النقطة المحورية الآن في كافة التحركات التي تحدث على صعيد المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية تتصل باعتزام الفلسطينيين التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل للحصول على قرار أممي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967. وتابع "يجب على نتنياهو أن يشير إلى أن الوقت لا يزال مبكرا بعد لتحديد الخطوة الإسرائيلية المقبلة بالنظر إلى التقلبات التي تتوالى على العالم العربي.