وانفض عرس الدوحة الأسطوري.. كسب من كسب و خاب من خاب في هذه الدورة الاستثنائية في كل شيء من افتتاح مبهر وختام مدهش وتنظيم أولمبي وأجواء تنافسية مريحة لكون المنظمين قد وضعوا من التسهيلات ما يعجز عنه أي منظم عربي شرق أوسطي آخر.

الكاسب الأكبر من دون مقدمات هو السباح العالمي التونسي أسامة الملولي بموهبته الفذة وقدراته ومهاراته الأسطورية, حيث مثل نفس الدور الذي لعبه السباح الأميركي مايكل فيلبس في دورة بكين الأولمبية الأخيرة، وساهم من خلال قدراته المختلفة بحيازة ميداليات لم تستطع محصلة دول أن تجاريها, وهو ما فعله الملولي في الدوحة عندما استطاع أن ينصب بلاده تونس في المركز الثاني في المحصلة النهائية للدورة العربية الثانية عشرة بعد محصلة الحوت المصري الذي التهم ثلث ميداليات الدورة.

اعتبار الملولي رياضي الدورة، طبيعي لا يحتمل أي توقع أو تقدير، فقد كان يغرد وحيداً ونال مكافأة الرياضي العربي الأول البالغة 70 ألف دولار, فضلا عما يناهز هذا المبلغ من مكافآت الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية التي تحصل عليها في هذه المنافسات, وحري بهذه الدورة أن تحمل اسم ( دورة الملولي)!

فيما الكاسب الأكبر على صعيد عدد الميداليات، وهذا شيء غير مستغرب، الرياضة المصرية التي كانت المسيطرة على حصيلة الميداليات وبفارق كبير عن أقرب الدول المشاركة, وهذا التسلسل لطالما شاهدنا عليه البطل المصري في الدورات السابقة وهو يتوج بحصيلة كبيرة من الميداليات الملونة, فضلاً عن المشاركة المزدوجة (منتخبات رجال وسيدات),. ومثار استغرابي كمتابع هو أنه على الرغم من الظروف الصعبة التي مازال الشعب المصري يعيشها، إلا أن الرياضي ظل في منأى عن تلك الأحداث وحافظ على لياقته واستعداده البدني والذهني مما هيأ له الفرصة للدخول في قلب هذه المنافسات والظفر بها على الوجه المطلوب.

ماذا عن المكسب السعودي في هذه الدورة؟

سؤال تردد كثيرا عبر وسائط الإعلام الجديد, لكن ما استجد من إجابات أن الغالبية منهم آخر من يعلم عن هذه المنافسات وطبيعتها وكيفية إعداد أبطالها, وما هي التكاليف التي تتطلب كي تعد بطلا ينافس على المستوى الإقليمي ومن ثم القاري فالأولمبي.

بكل تجرد أقول إن ما تم توفيره من ميزانيات للاتحادات المشاركة أقول (كثر خيرها) وهي تنافس أولا و(برافو) لمن حققت الميداليات، غير كاف، ليس هذا دفاعا عن هذه الاتحادات على الإطلاق لكن معرفة تامة بما يتطلبه الرياضي كي ينافس ويحرز الميدالية بين عشرة آلاف رياضي مشارك. وأستطيع استباق الأحداث لدورة لندن صيف العام المقبل 2012 وأتوقع عدم تحقيق ما يأمله الوسط الرياضي السعودي ما دامت هذه الأرقام التي أعلمها متاحة فقط للجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية مع مقارنتها مع ميزانيات اتحادات عربية و دولية.

حان الوقت لوزارة المالية وبيروقراطيتها أن تتفهم وتستوعب متطلبات الرياضة في عصرنا الحاضر, وعليها أن تعيد دراسة بنودها من جديد فيما يخص استحقاقات الرياضة والشباب في هذا البلد الذي تمثل شريحة الشباب فيه أكثر من 60 % من مجموع السكان، فهل نسمع قريبا تحركا جادا من وزارة المالية لإغلاق ملف المستحقات الرياضية فتكون عونا للرياضي في المحافل الدولية مستقبلا؟ نتمنى ذلك.