أدت الارتفاعات القياسية لأسعار وحدات الإيواء السكني بالمدينة المنورة أثناء إجازة الربيع إلى لجوء بعض زوار المسجد النبوي إلى افتراش الأماكن العامة، إذ ازدادت أسعار الوحدات بنحو الضعفين، وخصوصاً في فنادق المنطقة المركزية، حيث وصل إيجار الغرفة والشقة المفروشة إلى 1200 ريال، بعد أن كانت 400 ريال قبل حلول الموسم. ويقف وراء تلك الارتفاعات مستثمرو الباطن والطلب الهائل على تلك الوحدات بعد تدفق الزوار من كافة مناطق المملكة ودول الخليج، فيما وصلت نسبة الإشغال إلى مايقارب 200% وفقاً لعدد من العاملين في القطاع. ويأتي ذلك في وقت يؤكد فيه جهاز هيئة السياحة في المنطقة عدم علاقته بمستثمري الباطن.

وقال الزائران عبدالله الديبان من القصيم ونايف البلوي من تبوك إنهما اضطرا لدفع 900 ريال لمستثمري الباطن لاستئجار غرفة لكل منهما مقابل قضاء ليلة واحدة، بعد أن أكدت لهم إدارة الفندق الذي يقيمان فيه أن جميع الغرف مؤجرة لمستثمرين من الباطن، فيما اضطر الزائر حميدان الشمري القادم من حفر الباطن فجر أمس إلى السكن عند أحد أصدقائه بعد أن حاول البحث جاهداً عن سكن بسعر مناسب لما يقارب 6 ساعات دون جدوى.

ويقوم مستثمرو الباطن باستئجار وحدات سكنية قبيل حلول الموسم بالأسعار العادية، ليؤجروها بعد ذلك للزائرين بأسعار مرتفعة، دون أن يكون لإدارة الفندق أو الشقق المفروشة أي دور.

وقال الزوار إن تأجير إدارات الفنادق للغرف لمستثمرين في مثل هذا الموسم يعتبر تلاعبا وتحايلا على الجهات الرقابية واستنزافا لأموال الزائرين، ويعكس صورة سلبية عن السياحة الداخلية لزوار الحرمين.

ورصدت "الوطن" عددا من الزوار والعائلات الذين جعلوا من المخططات السكنية الجديدة في مداخل المدينة وكذلك الحدائق وساحات الحرم النبوي مكاناً للنوم.

كما استطلعت آراء عدد من مندوبي المستثمرين الذين يتخذون بهو الفنادق مقراً لهم لتأجير الغرف. وقال أحد المندوبين من جنسية عربية إن إدارة شركته تمكنت قبل بدء الموسم من استئجار نحو 600 غرفة في عدد من المناطق المركزية بمبلغ لا يتجاوز 400 ريال للغرفة.

وأوضح المندوب أنه تم تأجير بعض الغرف خلال اليومين الماضيين بـ 1200 ريال. وأكد أن الشركة تواجه عجزاً في توفير نحو 25 غرفة نتيجة الإقبال الشديد، فيما يجري البحث عن توفير غرف في فنادق مجاورة.

وقال مندوب آخر إن المستثمر تمكن من استئجار نحو 190 غرفة في أحد الفنادق نهاية الشهر الماضي بمبلغ لا يتجاوز 250 ريالا لكل غرفة. وأوضح أنه قام بتأجير الغرف بالكامل خلال اليومين الماضيين بمبالغ تتراوح بين 750 ريالا و1000 ريال للغرفة الواحدة، متوقعاً أن ترتفع الأسعار خلال اليومين القادمين في حال استمرار تزايد الطلب.

من جانبه، قال رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في غرفة المدينة عبدالغني الأنصاري في تصريح إلى "الوطن" إن المدينة المنورة تحتوي على نحو 140 فندقاً بالمنطقة المركزية المجاورة للحرم يعاني الكثير منها على استيلاء السماسرة ومستثمري الباطن الذين يتلاعبون بالأسعار أوقات المواسم، الأمر الذي يستدعي تدخل الجهات الرقابية لإيجاد حلول عاجلة.

وحول الحلول المقترحة لتلك المشكلة، قال الأنصاري: "آن الأوان لإنشاء مؤشر يومي لنسبة إشغال قطاع الإيواء على الإنترنت لكل منطقة، وبذلك يمكن القضاء على مشكلة تلاعب الأسعار ضمن قطاع الإيواء".

وأكد الأنصاري على ضرورة قيام هيئة السياحة بتثقيف وتوعية الجمهور حول كيفية الإعداد والترتيب للسياحة في أي منطقة كانت بصورة منظمة تمكن الجميع من الاستمتاع بالسياحة، وهو ما يجري العمل به في الدول الأخرى.

وتعليقاً على ارتفاع الأسعار، قال رئيس فرع المدينة في جهاز هيئة السياحة الدكتور يوسف المزيني بالتعليق على الأمر بأن فرع الهيئة يعمل بشكل كثيف ومستمر خلال هذه الأيام على مراقبة أسعار الفنادق والوحدات السكنية المفروشة والتحقق من أسعارها، ومدى مناسبتها للزوار، وذلك بهدف توفير بيئة سكنية مناسبة تتوافق مع تطلعات زوار الحرم النبوي، إلى جانب التوفيق بين متطلبات المستثمرين والمستهلكين.

وحول سماسرة قطاع الإيواء ومستثمري الباطن، قال المزيني هناك جهة أخرى مسؤولة عنهم، وهي التي تتولى متابعتهم، دون أن يكشف عنها، مؤكدا أن مسؤوليات جهاز الهيئة تنحصر في الرقابة على الفنادق والشقق المصرح لها من هيئة السياحة.

وكشف المزيني عن تواجد ثلاث فرق ميدانية في الميدان تعمل على مدار الساعة لمتابعة قطاع الإيواء وسرعة التجاوب مع بلاغات المتصلين حيال مشاكل قطاع الإيواء والمتلاعبين بالأسعار، إذ ضبطت تلك الفرق عدداً من المتلاعبين بالأسعار من ملاك قطاع الإيواء في اليومين الماضيين، وإعادة الكثير من المبالغ للكثير من المتضررين.