هناك العديد من التساؤلات التي يجب أن تثار قبل أن نفكر في القضاء على البطالة، منها هل يعقل أن يكون التوظيف بحد ذاته هو "الوسيلة الوحيدة المعتمدة" للوصول إلى تقليص البطالة؟ ثم لماذا مصطلح "وزارة العمل"؟ ألم يحن الوقت لوزارة خاصة مستقلة للموارد البشرية؟ هل أضحت الموارد البشرية التي هي أغلى الموارد على الإطلاق- كما لا يخفى على الجميع - رخيصة بحيث تتبع العمل (الذي هو ناتج عنها) بدل أن يكون العكس، وهل يكفيها شرفا أن يجعل لها صندوق يسمى باسمها(وهو الذي لا يسع إلا لنزر ضئيل من مبتدئيها ولفترة محدودة)؟ الواقع الاقتصادي الحالي وارتفاع معدلات البطالة وتقلص معدلات النمو والتطوير للموارد البشرية الوطنية (المطروحة في الإحصائيات الحديثة لوزارة التخطيط مثلا) "والتي لا تقبل مجالا للشك" جميعها معدلات تؤكد عكس المعتقد المبني على تفضيل الإنسان على ما حوله من الكائنات بالأولويات، فالواقع الموجود في أغلبه مبررات وإصرار على استحالة تفضيل العنصر البشري، فهل هذا هو التفسير والتحقيق الصحيح لمعنى الاستخلاف في الأرض؟!
وها نحن نرى تفريغ الإنسان من معظم حرفه بحكم التطور ويبقي الاهتمام بمواردها كالزراعة مثلا، فهل تفوقت الموارد الزراعية على الموارد البشرية بحيث حُقَّ لها أن تنفرد بوزارة مستقلة؟! - أم أبى الإنسان - بسبب المصالح - إلا أن يكرم الجمادات من حوله فأسس لها وزارات كالتجارة والصناعة والكهرباء والتحلية، ونسي نفسه وجنسه، فأكد على صحة تسميته إنسانا؟! - هل غُيِّب بحيث أصبح يرى أهمية كل شيء حوله ونَسِي نفسه، وهل يسمى هذا إيثارا أم رحمة؟ ومن أحق بالرحمة؟ - إذا لم يرحم الإنسان نفسه ويعترف بقدرها، فهل ينتظر من الكائنات الأخرى حوله أن ترد الجميل له؟
وبعد كل هذا ألا تستحق الموارد البشرية أن نطلق على الوزارة المتكفلة بها "وزارة الموارد البشرية" بدل "وزارة العمل"؟! -أَوَليسَ من الأولى والحكمة دمج وزارة العمل ومعها التأمينات الاجتماعية وهيئة الاستثمار فتصبح هيئة أو وزارة تشريعية تنفيذية تختص بسن التشريعات والقوانين وتتكفل بما يهيئ بيئة العمل والاستثمار، وتُتْرَك وزارة الموارد البشرية كوزارة مستقلة لها أنشطتها التي تركز على تحقيق رؤيتها للموارد البشرية كميزة تنافسية لها بعد استراتيجي، أو على الأقل تبقى "هيئة عليا مستقلة" تحمل اسمها ومهمتها بحيادية بحيث تقوم على خدمة الموارد البشرية وترعى شؤونها وخططها الاستراتيجية والتكتيكية؟! ألم يئنِ لأولي الألباب أن يقولوا كفى للهدر وآن وقت تصحيح وضعي الاستثمار المادي والبشري.
ينبغي النظر إلى الجوانب المرتبطة بالوظيفة والتوظيف في المملكة بشكل شمولي ومتكامل كتطوير المهن والجمعيات المهنية، ومعالجة الموارد المعلوماتية عن الموارد البشرية في القطاع الخاص، والعناية بالبعد الاستراتيجي في التخطيط لكامل مجتمع الأعمال، والتنسيق فيما بين مكونات القطاع الخاص محققا الأهداف المنشودة منه عبر تمرير خطط استراتيجية ومشاريع نهضوية متفق عليها من أعلى سلطات الوطن.