رغم بطئه المشهود، أصبح القطار خيارا محببا لدى النساء عند قيامهن بالسفر خاصة بمفردهن، فهن يرين فيه وسيلة مثالية للتنقل بين المنطقة الوسطى والشرقية. فسمة البطء التي جعلت من القطار عامل طرد للرجال عند السفر (والذين يفضل أغلبهم السفر بالطائرة أو السيارة) لم تكن كذلك بالنسبة للنساء الهادئات بطبعهن وغير المستعجلات، خاصةً مع وجود مزايا أخرى تجذب النساء لاختيار القطار وسيلة للسفر، أهمها عدم اشتراط توفر محرم لركوب المرأة القطار بمفردها، وما يشعرن به من أمان خلال الرحلة، وغياب السرعة الجنونية التي تزعجهن في وسائل النقل الأخرى.

الحضور النسائي في عربات القطار واضح، وأغلبية المسافرات من الفتيات ونساء المنطقة الشرقية، فبعضهن طالبات يدرسن في جامعات الرياض، والبعض الآخر يتوزعن بين أمهات مع أطفالهن، ومراجعات للمستشفيات، إضافة لمن تزور صديقاتها.

وفي القطار هناك مقطورات خاصة بالرجال وأخرى مقسمة يتولى موظفو السكة الحديدية ترتيب جلوس المسافرين فيها من خلال التذاكر بحيث لا تجلس المرأة بجوار من ليس محرما لها. "الوطن" التقت عددا من المسافرات على القطار بين الرياض إلى المنطقة الشرقية للتعرف على المزيد من دوافع سفر المرأة بمفردها وأسباب اختيارهن للسفر عبر القطار.

فتقول أم إبراهيم: إنها اعتادت السفر في القطار إلى المنطقة الشرقية، وتحديداً الدمام، لأكثر من ست مرات في السنة، حيث يعيش أهلها وتحتاج إلى زيارتهم بين الحين والآخر. وتؤكد أم إبراهيم أنها تشعر بالأمان التام وهي على متن القطار في درجة القافلة التي تجمعها بنساء أخريات وتزيد من شعورها بالأمان وسط صحبة آمنة من النساء.

أما أم راكان التي تستقل القطار بصحبة ابنها، فقالت إنها تضطر للسفر من الأحساء إلى الرياض كثيراً للمراجعة الطبية في مستشفى بالرياض لعلاج عظامها، وترى في القطار وسيلة نقل رخيصة ويسيرة على المرأة تتميز بالأمان واليسر وتجنب المسافر المخاطر الكثيرة للسفر البري عبر السيارات أو الحافلات.

وفي ركن من أركان القطار، لاحظت "الوطن" ثلاث فتيات يجلسن في هدوء وهن منهمكات في المذاكرة، وبالتعرف عليهن تبين أنهن في طريقهن إلى محافظة الدمام حيث يقطن أهلهن بينما يقمن في مدينة الرياض، حيث يدرسن في جامعة الملك سعود. وتقول إحداهن: اعتدنا على السفر بالقطار دون الحاجة إلى محرم، لأن القطار أكثر أماناً من السيارات وغيرها.

أما أم ديمة التي كانت تستقل درجة "الرحاب" والتي تبين أنها تستقل القطار لأول مرة في السفر بصحبة صديقتها، حيث قررتا الذهاب إلى مدينة الرياض لحضور حفل زفاف صديقة لهما من سكان الرياض. وتقول إن الرحلة بالقطار ممتعة وشيقة، وإنها ستركب القطار كثيرا لما وجدت فيه من راحة ورفقة جيدة من المسافرات.

وترى المسافرة سلمى سالم أن القطار يحتاج إلى تطوير كبير، فالأطعمة غالية الثمن بعض الشيء مقارنة بالأسواق. فيما ترى الراكبة فوزية أحمد الصالح أن القطار بطيء مقارنة بالقطارات العالمية التي أصبحت تقطع مسافة 500 كلم في الساعة، وهي المسافة التي يقطعها قطار الرياض الدمام في حوالي 5 ساعات. وتساءلت: "متى نهتم بإنقاذ الوقت المهدر في القطار".

والقطار الذي يتهمه بعض الركاب بالبطء وتدني مستوى الخدمة أنشئ منذ أكثر من 60 عاما في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وتم تصميمه بحيث يقسم إلى عدة درجات، تبدأ بدرجة "الرحاب" وهي الأكثر فخامة ويبلغ سعر التذكرة فيها 130 ريالا، من الرياض إلى الدمام، وتليها درجة "الطليعة" الأقل فخامة والأقل سعراً أيضا حيث يبلغ ثمن تذكرتها 75 ريالا، وتنتهي الدرجات بدرجة "القافلة" وسعر تذكرتها 60 ريالا. وتشير إحصاءات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية إلى أن دخلها من قطار الرياض الدمام للعام المنصرم بلغ أكثر من 250 مليون ريال، حيث نقلت السكك الحديدية أكثر من مليون راكب، فيما نقلت أكثر من أربعة أطنان من البضائع والشحن في العام نفسه.