سادت حالة من التوتر الأوساط المصرية عقب الأحداث التي وقعت في ميدان التحرير بالقاهرة، في وقت متأخر من ليل أول من أمس، أثناء قيام الشرطة العسكرية بفض تجمع لآلاف المعتصمين بالقوة، مما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة نحو 71 آخرين. وفي أول ردة فعل للمؤسسة العسكرية المسؤولة عن إدارة البلاد، حمّل المجلس الأعلى للقوات المسلحة رجل الأعمال المصري إبراهيم كامل، أحد المقربين من نجل الرئيس السابق جمال مبارك مسؤولية التورط في أعمال البلطجة التي وقعت في الميدان.

وعمت حالة من الغضب جموع المصريين، خوفا من تصاعد الأمور التي قد ترجع بالبلاد إلى الوراء، حيث شهدت منطقة وسط القاهرة ارتباكا كبيرا، بعد قيام الآلاف من المتظاهرين بالاحتشاد ثانية بالميدان، وإغلاق جميع الطرق المؤدية إليه، وإحضار كميات كبيرة من الحجارة، تحسبا لوقوع أي مواجهات أو أعمال بلطجة من الخارج. وبدؤوا في الهتاف ضد وزير الدفاع المشير محمد حسنين طنطاوي، وتعهدوا بعدم مغادرة الميدان قبل إقالته.

وأمر المجلس الأعلى على الفور "بإحضار كامل الذي وصفه بأنه أحد فلول الحزب الوطني السابق، واتهمه بالتورط في أعمال تحريض وبلطجة، وقيام أتباع له بإثارة الجماهير في ميدان التحرير". لكن البعض من المتظاهرين ذكروا رواية آخرى، مؤكدين "أن مجموعة من ضباط الجيش الذين أعلنوا تمردهم على قياداتهم شاركوا المتظاهرين في جمعة التطهير والمحاسبة، ومع نهاية اليوم هجمت مجموعة من الشرطة العسكرية مدعومة بحشود من الأمن المركزي على المعتصمين وفرقتهم وقبضت على عدد من ضباط الجيش وبعض المعتصمين وسط إطلاق نار كثيف". وبدا الميدان مع أول ضوء في نهار أمس شبيها بحالته الأولى قبل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، حيث أضرمت النيران في حافلتين، واحدة عسكرية وأخرى مدنية، وانتشرت بقع الدماء، وتناثرت الحجارة، وأظرف فارغة لطلقات ذخيرة حية، في أرجاء الميدان، فضلا عن ضرب الأسلاك الشائكة على بعض المنافذ المؤدية للتحرير لمنع دخول غير المرغوب فيهم. وعلا التوتر وجوه المتظاهرين الذين زحفوا إلى الميدان وبدوا عازمين على مواصلة الاعتصام حتى رحيل طنطاوي، أو محاكمة مبارك، أيهما أقرب.

وعلّق المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي على تصاعد الأحداث، معتبرا "أن الثقة بين الشعب والجيش خط أحمر للحفاظ على الوطن". وأكد أن الحوار هو البديل الوحيد، وأن ما حدث أمس في ميدان التحرير مشهد يدمي القلوب. وأضاف "الطريق إلى الاستقرار لن يتحقق إلا بالاستجابة السريعة لمطالب الثورة مع مشاركة المدنيين في المرحلة الانتقالية ووضع خريطة طريق متكاملة وحوار وطني جاد حول أسس الدولة".

وقال محمد رضوان أحد المعتصمين لـ"الوطن" أمس "لم نعد نحتمل وجود مبارك في شرم الشيخ، وتقاعس الجيش عن محاسبته، وكذلك وجود المحافظين على مقاعدهم يديرون الثورة المضادة، كما نريد محاسبة المتسببين في قتل المتظاهرين للحفاظ على الثورة".

إلى ذلك قالت الولايات المتحدة "إنها تتعاون مع الحكومة المصرية للحصول على معلومات حول تجميد أصول بعض من المسؤولين المصريين السابقين". وأكد بيان للسفارة الأميركية بالقاهرة أمس على التزام الولايات المتحدة بتعهداتها بموجب المعاهدات الدولية بشأن أي من هذه الأصول، حيث تجتمع بشكل منتظم مع مسؤولي وزارة العدل للتحقيق في أي مزاعم عن تلك الأصول التي أودعت في الولايات المتحدة.