وزارة التربية والتعليم، تصدر قرارا بتحويل المعلمين الذين تثبت عليهم تهمة إيذاء الطلاب (جسديا أو نفسيا) إلى وظائف إدارية، وبذلك تكون التربية قد أسدت خدمة ذهبية لجموع الكادحين في فصول المعرفة من فصل إلى آخر، غارقين في أكوام الدفاتر وأوراق الاختبارات ودوامة التقويمات، وإن جاد عليهم جدولهم الدراسي بحصة شاغرة كانت حصص الانتظار بالمرصاد، وإن لاذوا بدقائق الفسحة كانت المناوبة أشد عذابا وأنكى، حيث يجد المعلم نفسه بعد العقوبة الآنفة الذكر، قد تخلص من كل هذا وجلس في المكان الذي طالما حلم به، وحسد صاحبه عليه، مترحّما على زمن جميل، كان فيه أصعب ما يطمح له المعلم، هو التحويل إلى وظيفة إدارية، وإن بح صوته وتهالكت مفاصله وأجمع أهل الطب على عجزه، أو تنازل عن بعض راتبه، بل لابد من اجتياز الكثير من الاختبارات الدقيقة وتحقيق الكثير من الشروط المستحيلة، إلا أن يكون لدى المعلم واسطة أو شفاعة، لكنه الآن ومع العقوبات الجديدة يستطيع التخلص من كل هذا بطريقة سهلة ميسورة، قد يكون سلكها في يوم من الأيام عن غير قصد، وهو إيذاء طالب ما إما جسديا أو نفسيا، وأنا أعتقد أنه لو تم تطبيق هذا القرار بدقة، فسوف تتحول جحافل المعلمين والمعلمات إلى السلك الإداري، حتى لايتبقى في الميدان معلم واحد، فإيذاء الطلاب بدنياً قد لا يكون حاصلا مع كل المعلمين، إلا أن إيذاء الطلاب نفسيا كمينٌ قلما ينجو منه أحد من المعلمين أو المعلمات، ولو كان ذلك عن طريق تكليف الطلاب ببعض الواجبات المنزلية التي يعتقد الطالب أن فيها بعض المبالغة من باب التنكيل والإيذاء، لذلك سنشهد قريبا انتشار جملة (روحوا اشتكوني للوزارة) أكثر من ذي قبل بين المعلمين، موجهة إلى طلابهم، فلعل وعسى أن يتم تحويل هذا المعلم أو ذاك إلى وظيفة إدارية، وكفى الله المؤمنين القتال. لكنني أتساءل وأنتظر إجابة من الوزارة، ماذا لو كان إيذاء الطالب صدر من الإداري نفسه، فما العقوبة؟ هل سيعاد معلما؟ ولعمري إنها أقسى العقوبات. فإلى الأمام ياوزارة التربية، ونتمنى للمعلمين والمعلمات المزيد من العقوبات الإيجابية.