جمعني حوار ممتع مع الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبدالمنعم أثناء عقد المؤتمر السنوي العاشر لمؤسسة الفكر العربي "فكر 10" في دبي الأسبوع قبل الماضي، ومن أهم ما في الحوار كان ما توصل إليه التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية الذي أطلق قبل يوم من افتتاح المؤتمر. وعرفت من حديث الدكتور عبدالمنعم أن جهدا غير عادي بذله الخبراء والباحثون للخروج بالنتائج المذكورة في التقرير، لعله يساهم في إلقاء الضوء على مواضع الخلل ليتم تداركها في مختلف الدول العربية.
من إيجابيات التقرير الرابع أنه اعتمد "الشباب" كمرتكز في دراسته للواقع الثقافي العربي، وبنى ذلك على أن أحداث عامي 2010 و 2011 وضعتهم في صدارة المشهد، بكل صخب الشباب ومطالبهم ومشكلاتهم كالبطالة وغياب السياسات المتكاملة بين الجامعات وسوق العمل. وربما يأتي رصد قضايا الشباب على الإنترنت ضمن ملف المعلوماتية كواحد من الأبواب التي تطلبت بحثا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي وكثير من المنتديات الإلكترونية والمدونات، وفيه توصل التقرير إلى أن قضية "المذهبية" أكبر قضية متداولة على الفيس بوك بنسبة مشاركات في المجموعات تصل إلى 95%. وبالنسبة ذاتها كانت الخواطر والمشاعر الشخصية في الصفحات الفردية. وجاء في الرصد أن مكانة حقوق الإنسان كانت متدنية (الترتيب 28) في سلم الأولويات لدى المدونين العرب وفي المنتديات.
من الأمور الهامة التي رصدها التقرير مسألة كتابات الشباب تحت 35 سنة، ففي السعودية أصدر الشباب 294 إصدارا مقابل 66 كتابا في بقية دول الخليج. أما مصر فقد كانت نسبة إصدارات الشباب عام 2010 منخفضة جدا، إذ بلغ عددها 50 كتابا من أصل حوال 12 ألف إصدار في حركة التأليف والنشر بالدولة. وفي لبنان وسورية أصدر الشباب 37 كتابا من 949 إصدارا في الدولتين خلال عام 2010.
وجاء في قراءة التقرير لتلك النتائج أن الروح الوطنية عادت للمصريين في كثير من الكتابات التي استقرأ بعضها قيام الثورة. كما تم رصد نقاط إشكالية منها صعوبة الوصول إلى أرقام موثقة، وصعوبة النشر التي يواجهها كثيرمن الشباب لعدم توفر المبالغ المادية اللازمة لذلك. والأهم هو قلة الإبداع الشبابي في السنوات الأخيرة "إلى حد أن كتابا عربا يعتقد الجمهور في كونهم شبابا يبزغ نجمهم فجأة بعمل إبداعي كبير، فإذا بنا نكتشف أنهم تجاوزوا الخمسين من العمر".
كل ما سبق يقود إلى أهمية الاهتمام بالشباب من مختلف النواحي ومنها الناحية الإبداعية وتسهيل سبل إبراز طاقاتهم الكتابية وتعاون الجهات المعنية معهم لتذليل العقبات مثل صعوبة النشر وغيرها.
ما زال في التقرير الكثير مما يكتب عنه، ولنا إليه عودة.