وللعلم، فإن (أبو علي) في العنوان بعاليه، لا علاقة له من قبل ولا حتى من بعد بأنواع المغاتير ولا المجاهيم. هو مثلي تماما، قروي، يركب الموضة الجديدة التي أدت إلى (تغيير) هذه القرى تحت عنوان الثقافة المستحدثة التي تتلخص في جملة واحدة: أن تكون العودة للتراث دلالة برجوازية ورفاهية. وفي الإشارات اللافتة لهذه الموضة تبدو العلامات التالية: أن تستبدل (الحسيل) بالحاشي وأن تمتلك (الذود) بدلا من (الرعية) وأن تبدأ الكلمة (بالسكون) كدلالة (بدونة) للبرستيج وأن يبدو الشارب (كثا) غليظا حتى يجمد عليه (شوب) حليب الناقة. وبكل (اختصار) فإن (أبو علي) هو أنموذج السعودي الجديد المتوحد في ثوب السيمياء المشتركة ولكن هذا، فقط، في المظهر لا في المخبر، وإلا لماذا اشترى (أبوعلي) هذه المنقية في هذا التوقيت بالتحديد؟ والسبب لأنه قروي الباطن والمخبر وبدوي في الظاهر والمنظر. اشترى المنقية في هذا الوقت احتياطا لبعض المناسبات المجدولة وكان خائفا أن يؤخر قراره الجديد ثم يجد نفسه في مواجهة الاحتمالين: إما أن ترحل الإبل الى الشمال ونحن على أبواب مواسم (المزاين) فيبقى أمام خيار (الحسيل) الذي تكبَّر عليه أهل هذه القرى واختصروه في مجرد (مفروم) للسمبوسة، وإما أن ترفع الميزانية المتوقعة كل الأسعار كالعادة، فيضطر لحكم السوق، ولأنه – قروي – المخبر فهو يظن أن هذا (التريليون) الوشيك سيصب في جلود بضعة (قعدان) سيذبحها في مناسباته القادمة.
هو بتوقيت قراره الجريء، يهرب من التضخم الوطني المتوقع ولكن إلى التضخم الأهم الذي سينهب جيبه لوحده. صحيح أن (أبو علي) استبق الغلاء المتوقع بتوفير ألفي ريال ولكنه في المقابل، إنما تصرف مثل كل سعودي في مواجهة أزمة. سيدفع للراعي ألفي ريال في الشهر وسيصرف مثلها في الأعلاف ونصفها في المشاوير إلى (البدونة) الطارئة حيث تقبع المنقية ناهيك عن وجع الرأس فأذن القروي التي تعودت على صوت الحسيل ستكون نشازا مع الموسيقى الجديدة لسيمفونية الحاشي في حوش (أبوعلي).