اتفق عدد من الباحثين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة على خطورة التصعيد الراهن لإيران في منطقة الخليج، وحول أسباب لجوء طهران إلى هذا الأسلوب الذي وصفه أحدهم بأنه محاولة للهروب إلى الأمام.
وقال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بمعهد الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن الباحث آنتوني كوردسمان، هناك خطورة في ترك إيران تواصل استفزازاتها في المنطقة، موضحا أن محاولات عبث إيران باستقرار الكويت والبحرين يبدو "توجها اكتسب بعض الزخم في الآونة الاخيرة". وفسر ذلك بأن الإيرانيين وضعوا حسابا خاطئا لما يمكن أن تسفر عنه المرحلة الراهنة بما تتسم به من تقلبات في العالم العربي.
وتابع "يسعى الإيرانيون إلى قطع الطريق على تفجر الاستياء الداخلي لديهم عن طريق افتعال معركة خارجية في البحرين مثلا. إنهم يقولون لشارعهم الذي نعرف أنه على وشك الانفجار انتظر قليلا لأن لإيران مصالح في الجهة الأخرى من الخليج وحتى يتحقق انتصار للإيرانيين هناك. وأعتقد ان مواقفهم الأخيرة يمكن أن تكون نابعة من هذه الرغبة في صب ماء بارد فوق الشارع الإيراني لأسباب خارجية تتعلق بما تأمل إيران أن يحدث في الدول العربية المجاورة".
أما تشاز فريمان الرئيس السابق لمعهد الشرق الأوسط الذي اختاره الرئيس باراك أوباما رئيسا للمجلس الاستشاري الرئاسي لشؤون المخابرات، وتمكن أنصار إسرائيل من حمله على سحب ترشيحه، فقال إنه يعتقد أن على الإيرانيين أن يكفوا عن الإفلات من الخيار الاستراتيجي الذي يواجههم عن طريق الفرار إلى الأمام ـ حسب قوله ـ.
وتابع "القضية واضحة. فقد أوضحت العقوبات لطهران أن المجتمع الدولي جمع إرادته وقرر اتخاذ موقف موحد. وكان السؤال الذي واجه المسؤولين في طهران هو هل نعدل عن خطة صنع سلاح نووي ونبدأ في الاستجابة للمطالب الأساسية للإيرانيين لا سيما على الصعيد الاقتصادي؟ أم أن علينا أن نبحث عن أوراق استراتيجية أخرى تثقل كفتنا في سعينا إلى امتلاك السلاح النووي رغم أنف المجتمع الدولي؟".
وأضاف "تصور كثيرون أنهم يتجهون إلى الإجابة الأولى، إلا أن ما حدث مؤخرا من تصاعد للتوتر بينهم وبين دول الخليج يبرهن على أنهم كانوا يراهنون على الإجابة الثانية".
وأفاد فريمان "أعتقد أن المسؤولين في طهران خائفون من أن تندلع احتجاجات شعبية في المدن الإيرانية للمطالبة بالحقوق الأساسية. إلا أن عليهم أن يدركوا أن حل تلك المشكلات لا يكمن في تصديرها. إنه ببساطة يكمن في البحث الجاد عن حلول عملية بعيدا عن التطرف والتشنج. وطبقا لمعلوماتي فإن دول الخليج بذلت جهدا للتقارب مع طهران على أساس احترام عدم التدخل. إلا أن الأمر يختلف الآن. إننا نشهد مرحلة من تصاعد التوتر لأسباب معروفة".
وبدوره قال الأستاذ في جامعة ييل بروس آكرمان إن عمليات الأطلسي في ليبيا أقلقت طهران إلى حد بعيد. وتابع "الإيرانيون يتساءلون إذا كان المجتمع الدولي تدخل في ليبيا فما الذي سيمنعه من التدخل في إيران؟ وإجابتي على هذا السؤال مختصرة لا شيء".
واستطرد "أوباما لم يستبعد أي خيار من أجندة الإدارة الأميركية في تعاملها مع الملف الإيراني. وعلى طهران أن تدرك أنها لن تستطيع الحصول على السلاح النووي لأن الجميع يرفضون ذلك. ومهما حاول الإيرانيون من استفزازات لإظهار أن بوسعهم إلحاق أضرار كبيرة بالمنطقة فإن من شأن ذلك تكثيف الضغوط التي تتعرض لها طهران".