لا يمكن وصف ما يحدث في بعض الجمعيات العمومية للأندية الأدبية من عراك وتشكيك في نتائج الانتخابات ووصول الأمر إلى اتهامات شخصية لا تمت للثقافة والأدب، إلا أنه فصل جديد من فصول توظيف صراع التيارات الفكرية، في كل مناحي الحياة، وجزء من محاولات دائمة للقفز فوق أسوار الأندية الأدبية، حتى وإن كان القافز لا يقيم سطرا دون أخطاء إملائية وأسلوبية. فالقضية لدى هؤلاء والهاجس الرئيسي هي السيطرة على كل شيء، وتوجيهه حسب رغبة وميول "الإخوة"!

المشكلة الحقيقية هي أن هذا الصراع "الحركي"المزعج سينعكس بشكل سلبي على الدور الأساسي للأندية الأدبية، وهي رعاية المبدعين في مجالات الأدب المختلفة وتقديمهم للساحة دون أي اعتبارات تصنيفية، خصوصا وأن الفرز وإعطاء الفرصة أو منعها، بناء على الاتجاه الفكري من أهم محددات عمل التيارات المحلية، التي لم تنتج ـ جميعها ـ أي مشروع حقيقي ينهض بالثقافة والفكر منذ ذروة صراعاتها في ثمانينيات القرن المنصرم. كذلك سيكون الانشغال بالصراع على الكراسي سببا أهم في ترك العمل الحقيقي الذي أنشئ من أجله النادي الأدبي، ففي هذه الأجواء تظهر الدسائس ويسعى كل طرف إلى إفشال عمل الطرف الآخر حتى وإن كان هذا الطرف ضمن المنظومة الإدارية نفسها التي تسير شؤون النادي.

والحقيقة أن الكل يتحمل وزر ذلك، فلائحة الأندية "المرقعة" فتحت الباب على مصراعيه لهذا الأمر، وباب الاستثناءات بدون حدود منطقية الذي مارسته مجالس إدارات الأندية في قبول عضويات أشخاص لا يمتون للثقافة والأدب بصلة؛ أدخل الجمعيات الوليدة والمجالس الجديدة في دائرة الاضطراب والصراع الذي لن ينتهي قريبا. الأغرب ـ وربما الأطرف ـ أن بعض الاعتراضات والطعون التي قدمت لوزارة الثقافة والإعلام ضد مجالس إدارات عدد من الأندية كانت تتحدث عن أن هناك قائمة طويلة من أعضاء الجمعية العمومية لم يصوتوا لفلان وفلان وفلان، فكيف حصلوا على أصوات أهلتهم لدخول مجالس الإدارات؟ والسؤال الذي يوجه لهؤلاء المعترضين ـ الطعن من حقهم إن كان هناك مدخل قانوني ـ هو: أنتم تطالبون بـ" كشف الحقائق" ـ كما عبر بعضهم ـ ولكن هل نسيتم أن اللائحة تمنع التكتلات نهائيا التي كشفها تأكيدكم على أن عدد كذا من أعضاء الجمعية لم يصوتوا لفلان وفلان؟.. أليس هذا يدل دلالة واضحة على أنكم دخلتم الانتخابات تحت تكتل واحد، يعرف كل فرد منه من انتخب الآخر، بل وقد تكون وزعت على جميع أفراد الكتلة أسماء المرشحين المرغوب التصويت لهم؟!

لذلك ولكي يسود العدل يجب أن تنظر وزارة الثقافة والإعلام لجميع الخلفيات وتطبق اللائحة وحتى وإن كانت "مرقعة" على الجميع بعد أن تتأكد مما دار ويدور وراء الكواليس (إن استطاعت).