رسمياً، ومنذ الثانية عشرة وثلاث وأربعين دقيقة أصبح سعره ريالين. هو ذات – المسواك – الذي نشتريه من باحة مسجدنا ومن يد ذات العامل الآسيوي الذي تحمل شتائمنا لربع ساعة بعد قراره الجديد برفع السعر، وربع ساعة تكفيه لأن يضعنا جميعاً في مواجهة الحقيقة الجديدة لما بعد مئات الصلوات القادمة. هذا العامل مثل بقية الآلاف الذين يدخلون جيوبنا مضاعفة بلا استئذان وحتى المسواك في، مثاله البسيط، أصبح له سعر استخراج من مناجم – الأراك – وأصبح له تكلفة نقل مضاعفة. وفي المقابل رفعت متاجر قطع غيار السيارات أسعارها بمقدار الثلث في ظرف الأسبوع الأخير لأن وزارة التجارة منعت استيراد قطع الغيار المستعملة. كل ينهب من أطرافنا بلا حسيب أو رقيب ونحن بكل الغباء ما زلنا نظن أن ربطة الخبز أو حزمة الفجل هي المعيار. أرعدنا وأزبدنا لأن الألبان ارتفعت لنصف ريال ودون أن نلتفت لبقية الآلاف المنهوبة بلا معيار. نحن مثلا لا نلتفت لقيمة إطار السيارة المتضاعف في عام واحد لأننا نسينا سعره قبل ثلاث سنين. وكل القصة التي تدهشني هي قدرة – السعودي – على تدبير أموره بين آلاف الذئاب الجائعة. لم أفهم بعد كيف يستطيع هذا المواطن أن يتدبر أموره بجملة مصاريف شهرية تفوق الآلاف العشرة رغم أن راتبه لا يتعدى الخمسة، يدهشني السعودي وهو يخرج نهاية العام مديناً بأقل من خمسة وعشرين ألف ريال رغم أن الحساب المنطقي يشير إلى مضاعفتها خمس مرات. يدهشني هذا -السـعودي– بقدرته على أن يكون – الراتب- هو المعـيار رغم أن الراتب في المتوسط الحسابي لا يغطي نصف التكلفة، يدهشني أنه يعيش على دفاتر الدين في البقالة والمخبز والمغسلة والصيدلية ومحطة الوقود منذ اليوم العاشر ثم يسددها مع حبة خشم في الخامس والعشرين من ذات الشهر. يدهشني وهو يدفع للعاملة المنزلية راتبها ثم يعود إليها – مديناً – منذ الأسبوع الثالث من الشهر. يدهشني أنه يوزع راتبه الشهري على 70 منفذاً في ثلاثين يوماً ومع هذا لا تجده مديناً إلا بضعف الراتب وعكس المنطق الحسابي. يدهشني أنه يشتري الجوال الجديد بألفي ريال ولكنه يستطيع شراءه بربع القيمة بعد ستة أشهر من نزول ذات النسخة، أما لماذا كان ذات الجوال بأربعة أضعاف القيمة فهذا ما لا يسأل السعودي عنه.