بعض بلدان العالم العربي مقبلة على مستقبل مغاير تماماً لما عاشته طيلة العقود الماضية، وعلى تغيير جذري لاستبدال نظام بنظام آخر. ففيما يقترب الإسلاميون من الهيمنة على الانتخابات المصرية والليبية، انتخب منصف المرزوقي حليف الإسلاميين في تونس (التي اندلعت منها شرارة الثورات العربية) كأول رئيس بعد سقوط النظام السابق. وبوصول الإسلاميين إلى الحكم في تلك البلدان، تُطرح أسئلة وتحديات جديدة على المنطقة.
فالبعض يرى أن وصول الإسلاميين للسلطة سيؤدي إلى تعزيز وتنامي دور المنظومة المالية الإسلامية (التي تعتمد على الزكاة والوقف) لتمويل التنمية بالمنطقة، وهو ما يمكن أن يوفر فرصاً عديدة لتطوير اقتصاديات الدول العربية.
كما يرون أن القوى الإسلامية الحالية مهذبة سياسياً ومعتدلة فكرياً بما يكفي لتفعيل شراكة اجتماعية تستند على توافق الدين مع الديمقراطية، لتتجاوب مع التطلعات.
غير أن كل ذلك لا يمنع من التأكيد على وجود نقاط لا جدال فيها لإنجاح مهمة الإسلاميين مثل الحريات العامة وحقوق الإنسان، إضافة إلى ضرورة إيجاد حل جذري للتعقيدات الأمنية التي قد تؤدي إلى استغلال المجموعات الإرهابية للفراغ السياسي لافتعال أزمات تعيد المنطقة عشرات السنين إلى الوراء.
حقيقة القول.. إن الثورات العربية أخرجت العرب والمسلمين من الاستثناء العالمي، واستطاعت التوفيق بين القيم والحرية، ومستقبل تلك الثورات رهين بنجاح الاندماج الفاعل بين مختلف الطبقات والتأسيس لعلاقة جديدة ناجحة بين الدولة والدين، وبين السلطة والشعب. لكن تبقى نقطة مهمة في هذه القضية الشائكة، وهي التحذير من أدوار بعض الدول ذات النفوذ العالمي، والتي قد تؤثر سلباً على أي جهود للتقارب بين دول العالم العربي وقد تقتل فكرة إحياء "الاتحاد العربي الإسلامي".. إنها (إسرائيل). وهذا ما سنواصل الحديث عنه وعن مخاوف هذه الدولة من عدوها المنتظر (الإسلاميون).