الحمد لله الذي يسر لي الأسبوع الماضي أن (أحتجم) وقائياً ـ الحجامة: إخراج الدم الفاسـد الذي يتكون تحت الجلد ـ؛ أردت بذلك اتباع حديث البخاري ومسلم: "..إن كان في شيء من أدويتكم خير؛ ففي شرطة محجم.."، وحديث مسلم:"..إن أفضل ما تداويتم به؛ الحجامة.."، وحديث: "ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة، إلا كلهم يقول لي: عليك يا محمد بالحجامة"، وغير ذلك. والحمد لله أن اليوم الذي احتجمت فيه صادف تحريه صلى الله عليه وسلم للحجامة، كما ورد في حديث أحمد: "خير يوم تحتجمون فيه سبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين..". والحمد لله أني اخترت يوماً من الأيام المفضلة للحجامة ــ الاثنين والثلاثاء والخميس ــ حسب حديث ابن ماجة الذي صححه البعض..
قد تبدو المقدمة أمراً خاصاً، وهذا صحيح. ولكن الأمر العام فيها هو حث الهمم على قفل النقاش الذي بدأ رسمياً منذ أكثر من ست سنوات.. ففي عام 1427أوضح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة أن الوزارة لم تعتمد حتى الآن السماح بممارسة الحجامة في مرافقها الصحية، أو مرافق المؤسسات الصحية الخاصة، مبيناً أنه جار دراسة موضوع الحجامة من جميع جوانبه المختلفة من قبل لجان فنية متخصصة، وأنه على ضوء نتائج هذه الدراسة سيتم اتخاذ القرارات المناسبة التي تكفل تنظيم الحجامة وتحقيق الفائدة منها. وفي عام 1428صرح وزير الصحة أن وزارته ما زالت تمنع إعطاء تراخيص الحجامة نظراً لعدم وجود إثبات علمي يؤكد فائدتها.. مبيناً أنه تم خلال اجتماع مجلس الخدمات الصحية مناقشة الموضوع.
وأحمد الله أنه بعد مدة بسيطة استدرك مجلس الخدمات الصحية التصريحَ بالتأكيد على أن الموقف من الترخيص بممارسة الحجامة لا يعني إنكارها، أو مخالفة السنة النبوية، وأنه لا يمكن الشك في أن ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من سنته القولية أو العملية أو التقريرية يجب التسليم به. وفي نفس العام تم التوجيه بأن يقوم مركز الطب البديل بتوعية المجتمع حيال هذه الممارسة ومتابعة المستجدات العلمية في هذا الشأن.
وبعد سنوات؛ وتحديداً في أواخر العام الماضي عقد مجلس الخدمات الصحية اجتماعه السابع والخمسين، وناقش ضمن المواضيع موضوع الحجامة وممارستها، وتم الاطلاع على تقرير معد بهذا الشأن من المركز الوطني للطب البديل والتكميلي، الذي تضمن دراسة ميدانية عن الموضوع والتجارب العالمية، وكذلك مرئيات المنظمات الدولية بشأن ممارسة مهنة الحجامة.
ما يهمني وغيري من المهتمين هو معرفة آخر ما تم التوصل إليه، إذ لا أتصور مزيداً من الانتظار في أمر قد فتح قبل ثمان سنوات ومازال.. يقنعني أن يقال إن وسائل العلاج المتاحة في زمنه صلى عليه وسلم قليلة، وتشخيص الأمراض بدقة لم يكن معروفاً. ويقنعني أكثر أن ينهي مجلس الخدمات الصحية أساليب تقنين الحجامة من جهة تحديد دوافع عملها وقائية كانت أو علاجية، ومن جهة تحديد الأمراض التي تناسبها كإجراء علاجي، وغير ذلك مما يقصد به ضبط الحجامة، ومنع حدوث أي أمراض قد تنتج عنها. ويقنع الناس كثيراً إنهاء تنظيم أمر الحجامة في إطار يضمن عدم الإضرار بالناس من قبل من يمارسونها ولا يدركون الخطوات الإجرائية للعمل الصحي من جهة النظافة والتعقيم ومنع العدوى، وكيفية التعامل مع الحالات الطارئة.. شخصياً لا أتصور أن يكون الحل في دنيا اليوم هو المنع المطلق؛ فإن كانت هناك أخطاء فلنعالجها، لا أن نمنع الكل بسوء قد يحصل من البعض.