ليس كل من عاش خارج وطنه أصبح معارضا، ولا كل من عمل خارج وطنه لم يجد وظيفة في وطنه، وإنما هناك من رفع اسم وطنه وخدم بلاده من خارج حدود دولته، نعم الأمثلة عديدة وعلى رأسها شعراء المهجر ونوابغ العرب في أمريكا وأوروبا ومنهم الأستاذ الدكتور أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل والتي سجلت باسمه كعالم مصري. والحقيقة رغم عناء السفر والغربة للهجرة الدائمة أو المؤقتة أو الاغتراب المؤقت للدراسة إلا أن معظم المهاجرين بأنواعهم، يظل الوطن وهمومه وحبه في قلوبهم، وهذا ما لمسته وتأكد لي عندما ألقيت محاضرة في كلية إدارة الأعمال بجامعة مانشستر في بريطانيا على بعض أبنائي من الطلبة السعوديين المبتعثين على حساب الدولة، أو على حسابهم الخاص لتكملة دراستهم العليا، وبناء على دعوة الأخ والزميل والابن الدكتور إبراهيم أبوساق رئيس قسم التسويق بكلية إدارة الأعمال بجامعة مانشستر أحد أهم وأعرق الجامعات البريطانية ويعتبر الدكتور إبراهيم أحد أشهر السعوديين في بريطانيا تميزاً وعلماً فهو يكاد أن يكون الدكتور الأول الذي استطاع أن ينافس الدكاترة البريطانيين في الحصول على شرف التدريس ورئاسة قسم التسويق في كلية إدارة الأعمال وهو من القلائل الذين تم تكليفهم بالإشراف على رسائل دكتوراه لطلبة بريطانيين وأوروبيين. اسم أكاديمي كبير لمهاجر سعودي في بريطانيا همه الأول والأخير ليس الهجرة وإنما رفع اسم بلاده وأبنائها في الجامعات البريطانية، سخر نفسه ووقته لخدمة أبناء بلاده وحرص كل الحرص على استمرار ربط ثقافة بلاده بأبنائها المبتعثين فعمل على إعداد برنامج ثقافي للطلبة السعوديين في بريطانيا بالتنسيق مع جامعة مانشستر كلية إدارة الأعمال وبدعم ورعاية من شركة الاتصالات السعودية صاحبة البعد الاجتماعي المتميز التي استطاعت من خلال برنامج الاتصالات الثقافي للطلبة المبتعثين أن تحقق نجاحاً كبيراً له بعد ثقافي واجتماعي واقتصادي. حيث يستضيف هذا البرنامج أحد المفكرين والمثقفين وأحد العلماء وأحد كبار المسؤولين للالتقاء في برنامج لقاء وحوار مباشر مع الطلبة السعوديين في بريطانيا بتنسيق مباشر مع الدكتور إبراهيم أبوساق الذي شرفني لأن أكون ضيف الحوار مع الطلبة السعوديين في بريطانيا في الأسبوع الماضي. وهذا في الحقيقة هو موضوع مقالتي حيث التقيت مع حوالي مئة طالب وطالبة بدأت لقائي بالتأكيد لأبنائي الطلبة أنني أشارك اليوم كمواطن سعودي فقط ولا أمثل أي قطاع حكومي أو خاص ولست متبنياً لفكر أو مذهب أو طريقة غير فكري الخاص ومذهبي وطريقتي الخاصة ولهذا لأن حواري معهم ينطلق من قناعتي الشخصية لبعض الأمور خلال خبرتي السابقة فترة الأربعين عاما الماضية انتهت كلمتي وفتح الباب للحوار لأستمع إلى شباب الجيل الجديد صاحب الثقافة السياسية العالية وصاحب الفكر الحضاري المتميز، وجدت الشباب جريئا في الطرح صاحب رأي يصعب إجباره على فكر معين بدون قناعة حريصاً على استقرار بلاده سياسياً حيث كانوا في ترقب حتى عين خادم الحرمين الشريفين الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد، قلت لهم لم أكن متفاجئاً من هذا القرار لأن أبناء المؤسس لدولتنا على قدر عال من الحكمة والرصانة لاتخاذ القرار الصائب الذي يضمن لهذا الوطن استقراره، وإن اختيار الأمير نايف يؤكد ترابط وتعاضد أبناء المؤسس مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في قراره ومن يروج غير هذا في المواقع الإلكترونية لا يهدف سوى زعزعة الثقة وخلق الفرقة. سألني الأبناء عن التغير الوزاري وتغيير المسؤولين من منطلق التغيير للتطوير فقلت لهم إن هناك تغييراً سيكون للأفضل ولكن في الوقت المناسب. سألني الشباب عن مستقبلهم الوظيفي بعد عناء الدراسة والغربة لاسيما أن بعثات خادم الحرمين الشريفين لا تلزم الجامعات بتعيين الدكاترة فيها والأولوية لمعيديها ومحاضريها. قلت لهم إن من أهم أولويات الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين هو تأمين العمل اللائق والمناسب لجميع الخريجين مبتعثين وخريجي الجامعات السعودية فلا داعي للقلق وأتمنى أن أكون صادقاً في جوابي.

سألني الشباب عن قلقهم الكبير في توفير السكن اللائق وعدم ثقتهم في الوعود خلال السنوات الماضية قلت لهم قلقهم في مكانه إلا أن هناك مشاريع عملاقة لوزارة الإسكان تم اعتمادها وإن كانت قضية التنفيذ قد تأخرت سنتين نظراً لأسباب عديدة منها توفر الأراضي والبنية التحتية ووسائل النقل وشركات المقاولات إلا أن العجلة قد بدأت الدوران وحين عودتهم أتوقع سيكون جزءاً من الإسكان قد تم تنفيذه. سألني الشباب عن انتخابات مجلس الشورى ومجلس المناطق وقلت لهم إنها أحد مطالبي أنا أيضاً ورغم قناعتي بأن الأعضاء المعينين من قبل القيادة هم صفوة المجتمع علماً وفكراً وخبرة وتمثيلاً إلا أن الانتخابات ولو جزئياً تظل مطلباً ومتطلباً في المرحلة القادمة. سألني الشباب عن الفساد الذي أصبح مصدر تهديد للإدارة قلت لهم إن إنشاء هيئة مكافحة الفساد أكبر دليل على أن هناك فسادا أصبح لا يمكن السكوت عليه ويهدد مستقبل التنمية في بلادنا فدعونا ننتظر نتائج عمل الهيئة. سألني الشباب عن مشاركة المرأة بشكل أكبر في الحياة العامة قلت لهم إن هناك نقلة حضارية ونوعية لمشاركة المرأة في العمل مع الحفاظ على خصوصية المرأة المسلمة فالمرأة اليوم ممثلة في مجلس الشورى في الدورة القادمة وممثلة في عضوية مجالس إدارات الغرف والمرأة اليوم مديرة للجامعات ونائبة لوزير وأمينة عامة للغرفة العربية البريطانية وعضو في منظمات دولية. وأجزم بأن المرأة السعودية سيكون لها دور أكبر قادم. سألني الشباب أسئلة عديدة ومهمة سياسية واقتصادية واجتماعية وفي النهاية اتفقنا جميعاً على هدف مشترك وهو مهما كان رأينا وطرحنا وفكرنا وانتقادنا إلا أننا جميعاً متفقون على هدف رئيسي وهو وحدة الوطن والقيادة. انتهى الحوار وأنا فخور كل الفخر بأبنائي وبناتي المبتعثين متمنياً على مركز الحوار الوطني وعلى أمينه العام أخي معالي الأستاذ فيصل المعمر بعد تفرغه للمركز أن ينقل بعض لقاءات الحوار إلى أبنائنا الطلبة المبتعثين خارج الوطن الذين يثمنون أهمية لقاءات الحوار الوطني ولقد انبهروا ببعض إصدارات مركز الحوار الوطني التي حملتها معي لتوزيعها على أبنائي الطلبة والطالبات. شكراً لراعي الحوار في بريطانيا الدكتور إبراهيم أبوساق متمنياً أن يواصل نشاطه، وتواصل شركة الاتصالات دعمها.