تعتبر جملة (راجع موقعنا) طريقة حديثة نوعا ما يلجأ إليها الموظفون في الدوائر الحكومية تحديدا، في وقتنا الحاضر، لتكميم الأفواه أو لتخفيف الزحمة، فتجد الموظف يوزع على المراجعين قصاصات تحمل عنوان الموقع الإلكتروني لهذه المؤسسة أو تلك، حتى إذا اطمأننت لهذا الأمر وغادرت متفائلا، اكتشفت لاحقا أن هذا الموقع مهمل ويحتوي على معلومات يمتد عمرها إلى قرابة الستة أشهر أو معلومات مغلوطة تختلف عما تنقله وسائل الإعلام للمواطنين عن المؤسسة نفسها، وكأنها بمعزل عن كل هذا، أو في أحسن الأحوال يكون هذا الموقع تحت الإنشاء، وهي تشبه كثيرا الطريقة التي يلجأ إليها الكثير من المسؤولين خاصة في الزيارات الميدانية، حيث يمد المسؤول بطاقته البيضاء لأي معترض طالبا منه الكتابة له أو مهاتفته، فهي بمثابة وعد من المسؤول بأنه سيتولى حل الموضوع والاهتمام به بشكل شخصي، وتعد طريقة (هذا كرتي واكتب لي) أكثر لباقة ومرونة من رفع الصوت، وقد أثبتت نجاحها إلى حد ما بسبب حداثتها، فحتى الآن لم يجد لها الوعي السعودي ردة فعل مباشرة مناسبة، سوى قبول (الكرت) وشكر صاحبه، لأن المتحدث قد لا يتوقع هذه الطريقة غالبا، فيأخذ الكرت سعيدا قانعا وكأنه حصل على ميثاق شرف من هذا المسؤول أو ذاك، لكن ما إن يتفحص هذا الكرت المعجزة جيدا حتى يجد الآتي: أغلب المسؤولين، لا يضعون أرقام هواتفهم المباشرة ولا جوالاتهم، بل يجب أن تلف السبع لفّات لتصل - إن كنت من سعيدي الحظ - إلى أحد المسؤولين.

الأمر الآخر أنك تجد في الكرت غالبا، إيميلا مهملا لا يتصفحه هذا المسؤول عادة.. وإنما يعهد بالإيميل بما فيه إلى أحد معاونيه، بعد أن يوصيه بتقوى الله وألا يحوّل عليه من الإيميلات إلا ما كان ضروريا، وضرورات المسؤولين تختلف بالطبع عن ضرورات عامة الناس.

والنتيجة، أن يكتشف المواطن الذي تمت (الطبطبة) عليه واستغفاله، لكي يبلع لسانه، وأنه تم تخديره وقتيا حتى تخف حدة الألم، أوتم التعامل معه كمريض نفسيا يمر بحالة هستيرية، يجب إعطاؤه بعض المسكنات حتى تزول الحالة. ثم يصحو على واقعه المر الذي لم يتغير.