دارت معارك عنيفة أمس بين الثوار والقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي قرب موقع البريقة النفطي شرق البلاد، بينما أكد الثوار أنهم مستعدون لوقف إطلاق النار بشروط. وانتقل خط الجبهة بين الثوار وقوات القذافي إلى محيط البريقة لكن الصحفيين والمدنيين منعوا للمرة الأولى من الاقتراب والمرور من مدخل أجدابيا الغربي إلى خط الجبهة، الذي كان على بعد 40 كيلومتراً تقريباً غرب أجدابيا التي تبعد 80 كلم شرق البريقة. وتعذر الحصول على معلومات من مصدر مستقل حول من يسيطر على البريقة التي تبعد 800 كلم عن طرابلس.
وقال قائد الجيوش الأميركية مايك مولن إن "المشكلة الكبرى لدى الأطلسي هي الطقس في الأيام الثلاثة أو الأربعة الماضية". وأوضح أن "هذا العامل أدى أكثر من أي شيء آخر إلى تقليص وليس إلغاء فعالية" الطائرات المكلفة بتنفيذ الضربات حيث "تعذر عليها أحياناً رؤية الأهداف بدقة". وسمحت الأحوال الجوية لقوات القذافي بشن هجومها المضاد نحو الشرق.
وللمرة الأولى بعد أسابيع من الفوضى في صفوف الثوار، صدرت أوامر واضحة بمنع المدنيين والمتطوعين الشباب من الاقتراب من الجبهة قرب البريقة (شرق). ويبدو أن قيادة الثوار ومعقلها بنغازي أخذت بزمام الأمور وتحاول تنظيم صفوفها في ميدان المعركة. إذ حرك المعارضون أسلحة ثقيلة وقادهم عبد الفتاح يونس العبيدي وزير داخلية القذافي المنشق وقائد قوات المعارضة حالياً نحو البريقة في مسعى لكسر حالة الجمود العسكري.
وحول تطور العمليات العسكرية في الغرب، سمعت أصوات إطلاق نار أمس بالقرب من مقر إقامة القذافي الحصين في طرابلس. وقال سكان إنهم شاهدوا قناصة على أسطح البنايات وبركاً من الدماء في الشوارع. ولم يتبين بعد السبب الذي من أجله اندلع إطلاق النار المتصل من البنادق الآلية الذي ترددت أصداؤه لنحو 20 دقيقة ثم توقف قرب الفجر. كما سمعت أصوات احتكاك إطارات سيارات مسرعة بينما كانت تنطلق في شوارع وسط طرابلس. وسمعت أيضاً أصوات صياح أو هتاف.
وفي مصراتة، أفاد متحدث باسم المعارضة أن قوات القذافي تشن قصفاً مدفعياً عنيفاً على المدينة التي تسيطر عليها المعارضة، وتهاجم المتاجر والمنازل في وسطها.
في غضون ذلك، صرح مسؤولون عن حقوق الإنسان بأن أكثر من 400 شخص فقدوا في شرق ليبيا منذ بدء الاحتجاجات. وقال المنسق في مكتب الهلال الأحمر الليبي في بنغازي عمر دبوس إن 353 فقدوا في بنغازي ومشارفها، و17 في أجدابيا و21 في البيضا وهي بلدة إلى الشمال الشرقي.
وحول الجهود الدبلوماسية لحل النزاع سياسياً، أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل أن "الثوار مستعدون لاحترام وقف إطلاق النار شرط أن توقف قوات القذافي هجومها على المدن المحررة، وأن يتمكن أخواننا في مدن الغرب من التعبير عن رأيهم بحرية، وأن تنسحب القوات الموالية للقذافي". وأدلى عبد الجليل بهذه التصريحات بعد لقاء مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا الأردني عبد الإله الخطيب.
وفي لندن قال مصدر بريطاني إن محمد إسماعيل أحد مستشاري سيف الإسلام القذافي، كان يزور عائلته في لندن عاد حاملاً "رسالة قوية" من بريطانيا إلى نظام الزعيم الليبي. ورفضت وزارة الخارجية التعليق على هذه المعلومات، إلا أنها قالت "في كل الاتصالات التي نجريها، نقول بوضوح إن على القذافي أن يرحل". لكن صحيفة "الجارديان" قالت إن إسماعيل أمضى أياماً عدة في لندن الأسبوع الماضي والتقى مسؤولين بريطانيين قبل العودة إلى طرابلس. وأضافت أن إسماعيل جرى إرساله إلى لندن لمحاولة إيجاد مخرج للزعيم الليبي.
وفي موسكو، حذر رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارجيلوف من محاولة إسقاط نظام القذافي عن طريقِ التدخل العسكري. وقال أمس "نشاطر الرأي بأن أيام القذافي في ليبيا باتت معدودة، لكنني شخصياً لا يمكنني أن أقبل أن تتم الإطاحة بالقذافي على يد قوات التحالف، وباعتقادي أن الشعب الليبي هو الوحيد الذي يمكنه فعل ذلك".
وفي أنقرة، أفاد مصدر تركي أمس أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن سيقوم الاثنين المقبل بزيارة إلى أنقرة ليبحث مع القادة الأتراك مهمة الحلف في ليبيا التي تشارك فيها تركيا بقوة بحرية.