مشاكل البنات المستعصية على الحل في أغلبها، يبدو أنها بدأت تجد الطريق نحو الانفراج والخروج من عنق الزجاجة، وذلك عن طريق الكوارث والأزمات التي ما فتئت تلاحق الفتيات وتقضي عليهن لتخفف بذلك العبء عن الجهات المسؤولة عن تعليمهن وتوظيفهن، ففي المدارس بدا الأمر وكأنه سلسلة من الحرائق المميتة، فضلا عن الكثير من المدارس المهددة بالسقوط.

وفي مراحل متقدمة نوعا ما، تدفع الفتيات أعمارهن على الطرق السريعة وفي الحوادث المرورية المختلفة ثمنا للطموح الذي يدفعهن للالتحاق بجامعة أو كلية بعيدة، أو القبول بوظيفة متواضعة في منطقة نائية، وكأن الصرخة التي علت من أحدهم بعد الحديث عن حقوق المرأة في سياق ضاحك (أخرجوا الحريم من كوكبنا) بدأت تأخذ مسارا جديا، حيث يكون الموت أقرب إلى المرأة من الحلول الحقيقية لمشكلاتها.

ترى ما الذي يجعل الفتاة في سن الإدراك، تقدم على المجازفة والمخاطرة بحياتها في سبيل الحصول على مقعد جامعي أو ظيفة، هاربة من أنياب البطالة والحاجة (ولعل المساواة في هذا الأمر واضحة بينها وبين أخيها الرجل) حيث تمتد السنوات الطوال وهي في مكانها تنتظر وظيفة لائقة، وخلال ذلك تخوض حروبا خفية ومعلنة مع المجتمع في وظائف تقبلها الفتاة لسد عوزها ولا يرضاها المجتمع لتعويض نقصه، بحجج كثيرة واهية تقوم على مبدأ التخوف والتشكيك، لذلك فهو يستخدم جملة (سد الذرائع) فيها بشكل مبالغ فيه كثيرا، لكن وبالرغم من كل هذا فإن الفتاة لا تتراجع، بل تمضي قدما وبكل قوة، وهي تعلم سلفا أنها حتى لو قدر لها الإفلات من قبضة الحوادث المرورية، فإنها قد لا تفلت من قبضة أبّ متسلط أو زوج مستبد، إلا أن قوة هذه الفتاة نابعة من إيمانها بقضيتها ومعرفتها لحقوقها، لذلك فمن الأولى والأسلم، أن تنصف المرأة مبكرا، بإعطائها كامل حقوقها والاهتمام بقضاياها، قبل أن تسقط أقنعة المنظّرين، والمتخوفين من أفول أنجمهم بعد بريق نجم المرأة المؤمنة بمبادئ وسماحة دينها والواثقة من نفسها.