على أعتاب العام المالي الجديد استمعنا ما قبل البارحة إلى جملة قرارات الخير الملكية في الأوامر السامية بالتعديل الوزاري في بعض وزارات وهيئات الدولة.
وبدءا نتوجه بالشكر الجزيل لمن غادروا الوظيفة العليا بعد أن بذلوا جل حياتهم في مسيرة العمل الوطني وخدموا بأقصى ما استطاعوا في مسؤولياتهم المختلفة.
هنا بضع ملاحظات:
الأولى: أننا تعودنا أن معالي الوزير هو من يصنع البريق للوزارة، وأن كوامن شخصيته هي من تصنع الهالة بما يخدم قدرته على تفعيل المنصب وخلق الصدى لدى الرأي العام. ومهما كان ذلك صحيحا فإنه وللأسف الشديد يقلب المعادلة حيث يبدو الوزير أهم من الوزارة التي يفترض أن تكون لها شخصيتها الإدارية بغض النظر عن الاسم الذي يعتلي رأس الهرم الإداري. وخذ بالمثال أن المرحوم غازي القصيبي تنقل بين الكراسي الوزارية وكان يأخذ كل وزارة معه إلى قلب الحدث الإعلامي والاجتماعي.
وفي حالات أخرى، فإن جمود بعض الكراسي الجوهرية العليا هو ما طرح بقوة ذلك السؤال المتداول في أوساط المجتمع بقوة:
ما هو اسم معالي الوزير؟ وبالطبع فليس من المفروض أن يحفظ المجتمع أسماء أصحاب المعالي، ولكن في ثنايا السؤال علامة استفهام جوهرية ودلالة عملية لافتة.
الثانية: أن يدرك معالي الوزير أن خريطة الوطن تبدو مثل مربع ضخم المساحة بما يحتمل أن يحوي هذا المربع دوائر العرض وخطوط الطول.
مسؤولية العمل الوزاري أبعد وأشمل وأكبر من المسافة ما بين مسقط الرأس وكرسي الوظيفة، وللأسف أن الطبع البشري عادة ما يتحرك ما بين هاتين النقطتين.
وفي حالتنا المحلية فإن هذا التحرك الفطري لا ينتج من الأثر الإداري بأكثر من خط مستقيم أقرب إلى دوائر الـعرض ونادرا ما يتجه إلى خطوط الطول. وعذرا على هذا الجدل الهندسي من أجل الالتفات إلى الحقائق الجغرافية. والحقائق الجغرافية هي بالضبط جوهر حديث ولي الأمر وقائد هذه البلاد ـ يحفظه الله ـ الذي لم يفتأ يتحدث عن عدالة التنمية، ولم يترك أيضا شبرا في الخريطة لم يذهب إليه.