لم يجد أصدقاء يزيد المحمدي لتسجيل مشاعرهم بعد تعرضه لكسر في قدمه سوى الجبيرة ليخطوا عليها ذكرياتهم، ويعبروا عليها عن مواهبهم في الكتابة والرسم، لذلك قرر "يزيد" الاحتفاظ بالجبيرة بعد نزعها كتذكار من الأصدقاء.
وتتفاوت أساليب التعامل مع هذه الجبائر، فالبعض حولها إلى تقويم هجري، وبعضها تحولت إلى نكات فكاهية تقرأ على المصاب لزرع الفرح خاصة للأطفال، فيما وضع البعض تواقيعهم عليها.
يرى أن ذلك يخفف من التوتر لدى المصاب، وفي نفس الوقت طريقة للتعبير الوجداني له، وفي المقابل يرى أخصائيون أن الكتابة والرسم على الجبيرة تقليعة اقتبست من الأفلام الأميركية، وهي ثقافة دخيلة على المجتمع. نافين أن تكون لها علاقة بأمور نفسية للمصابين.
يقول يزيد المحمدي: إن أصدقاءه حرصوا عند زيارته على وضع بصمات تذكارية على هذه الجبيرة، وذلك بإضافة توقيع أو عبارة صغيرة، أو رسوم تبقي أثرا إيجابيا كبيرا لديه، حيث تظل تلك البصمة مشاركة من زملائه له في مرضه.
وأشار إلى أن قدمه تحولت إلى لوحة فنية جميلة، وأنه قرر الاحتفاظ بالجبيرة بعد فكها؛ ليتذكر بها أصدقاءه مدى العمر كله.
ويؤكد طارق الحربي أن البعض ممن يتعرضون للكسر، ويضع الأطباء لهم جبيرة على اليد أو القدم يكتبون عليها تاريخ الإصابة، والوقت المتبقي على فك الجبيرة. كما يضعون مربعا صغيرا يشبه التقويم، وكل يوم يمر يضع عليه دائرة بالخط الأحمر تعبيرا عن تطلعه إلى فك الجبيرة ليعود إلى حياته الطبيعية.
ويشير أحمد حكيم إلى أن هذه التقليعة قد تكون وسيلة نفسية يتبعها الشباب للخروج من هم الإعاقة الموقتة، واستخدام تعبيرات وإمضاءات معينة تسهل على المصاب همه، وتدخله في جو من المرح يشاركه فيه المقربون منه، لإخراجه من الحالة النفسية التي يعيش فيها. مؤكدا أن هذه التقليعة لا يمارسها سوى الشباب دون العشرين عاما، ونادرا ما تجدها لمن هم فوق العشرين، ويستحيل أن يمارسها من في سن الثلاثين.
وتقول أم عناد: إن ابنها الصغير تعرض إلى كسر في قدمه، وأعد الطبيب جبيرة له، وخلال أسبوع تحولت الجبيرة إلى مخطوطات متعددة من الرسم والخط حتى أصبحت الجبيرة وسيلة إلى اكتشاف المواهب داخل الأسرة وخارجها.
وأضافت أن "أعمام ابني كتبوا بعض النكات على جبيرة ابني مما أدخل الفرح عليه، وتناسى ألم الكسر". مشيرة إلى أنه كلما تألم قرأت عليه نكتة مما كتب على الجبيرة ليضحك ولو موقتا.
ويؤكد أستاذ علم النفس المشارك بجامعة طيبة الدكتور حسن ثاني أن هذه التقليعة اقتبست من الأفلام الأميركية، وهي ثقافة دخيلة علينا وليس لها علاقة بالجانب النفسي للمصابين، وترى الأخصائية الاجتماعية في مستشفى الدار الخاص بالمدينة عهود ريحان المولد أن الكتابة على الجبيرة تخفف من التوتر لدى المصاب، وفي نفس الوقت تعبير وجداني من قبل الأصدقاء.
وأشارت إلى أهمية أن نتقبل كل الطرق التي يستخدمها الشباب بصدر رحب وحب، وأن نشاركهم تلك التقليعات التي لا تتنافى مع العقيدة السمحة.
وأضافت ريحان أنها بنفسها سجلت عبارات على ذراع صديقة لها كسرت يدها قبل خمس سنوات، ومازالت الصديقة تحتفظ بتلك الجبيرة حتى اليوم، مما يضيف نوعا من الحميمية والمحبة في المجتمع وبين الأهل والأصدقاء.