عندما استقرت الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز رحمة الله، تم البدء وقبل توحيد البلاد في التفكير في كوادر سعودية لتحمل مسؤولية البناء، وكانت البداية في مدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة التي بدأت عام 1346؛ ومهمتها إعداد الطلاب للدراسة في الخارج وهذا يدل على وعي مبكر بضرورة الابتعاث حتى قبل توحيد البلاد وبعد الاستقرار وظهور النفط بدأت البعثات للخارج تأخذ اتجاها لدول أوروبا وأميركا.
والسؤال ماذا قدم مبتعثو الستينيات والسبعينيات للمجتمع بعد عودتهم؟ هل استلموا وظائف حكومية وأدوا الواجب الوظيفي على أكمل وجه والأهم ما التغيير الذي حصل بعد عودتهم داخل مجتمعهم؟ و ما دورهم التنويري والثقافي؟
الابتعاث الأول كان في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز برؤية تستشرف المستقبل لإعداد كيان دولة، وبعد ذلك تم التوسع في التعليم بالداخل فكان معظم المعلمين من الدول العربية وبعضهم كان من الحزبيين وقد استضفناهم لما تعرضوا له من اضطهاد في بلادهم وأحدثوا في شبابنا تلك الأفكار التي عانى منها المجتمع.
لقد تأثر شباب صغار في السن والتجربة، وعانينا الكثير من هؤلاء الذين حميناهم من البطش، ولأننا مجتمع متوازن والدين عندنا فطرة وعلماؤنا وسطيون لم يدخلوا العنف في فكر الشباب المهم حدث ما حدث لكن لمن نعلق الجرس.. فالذي تعلم بالداخل من خلال هؤلاء، أثّر في المجتمع وإن كان التأثير سلبيا من بعضهم، بعكس مبتعثي الستينيات والسبعينيات وما بعدها حيث لم يكن لهم دور واضح.
وبمناسبة الحديث عن الابتعاث قرأت لقاء بإحدى الصحف المحلية مع الملحق الثقافي السعودي في أميركا، أفاد فيه بأن 80 طالبا أعيدوا هذا العام لأسباب أكاديمية وأمنية ونفسية لذا لا بد لمن يبتعث أن يكون محصنا لئلا يصاب بصدمة من مجتمع مختلف جدا، وذلك بتأهيله وإعداده داخليا بدورات لاستيعاب فكرة المجتمع والثقافة الجديدة، خاصة لمن لم يسبق له السفر لتلك المجتمعات وإجراء الاختبارات النفسية والعلمية مع استمرار مرحلة التأهيل والمتابعة من قبل الملحقيات الثقافية خلال السنة الأولى من الابتعاث.. لا شك أن الابتعاث ضرورة على أن يكون له مردود إيجابي.