كان يوما أغبر و"منيّلا بكلّ نيلة"، ذلك اليوم الذي أخرج لنا الغرب فيه برنامج الواقع التلفزيونيBig Brother، فجئنا نحن العرب ننسخ ونلصق.
جئنا نحن العرب نقلّد تلك البرامج التي نشاهدها لأول مرة، بعد أن بقينا فاغري الأفواه نتأمل هذه البرامج العجيبة، التي يصحو الناس فيها وينامون ويأكلون ويتحركون على سجيتهم، دون أن يلتفتوا إلى كاميرا تصورهم.
ما كان منّا بالطبع العربي الجميل، إلا أن رحنا نقلّد تلك البرامج ببرامج واقع عربية، وليتنا اكتفينا بالتقليد والنسخ واللصق، بل لابد أن نضع لمساتنا العربية، وخصوصيتنا، فنحن العرب لا يذبحنا شيء مثل الخصوصية، حتى صرنا نأكل خصوصية ونشرب خصوصية.
المؤسف أننا قلبنا أمّ تلفزيون الواقع كفكرة غربية في غاية الجمال والتحضر، إلى تلفزيون واقع عربي ليس لديه فكرة ولا جمال ولا تحضّر.
بدأنا بـ "استار أكاديمي"، وبدلاً من التعامل مع البرنامج كسباق تنافسي وتعليمي وتثاقفي، راح كل منا يشجع بنت بلده، أو متسابق بلده، تشجيع مدرجات، وعنصرية بلهاء، فما كان مناّ، إلا أن تفرقت جموعنا العربية حول فتاة لوحظ أنها تلبس ملابس قصيرة خادشة للحياء العام، وبين شاب لوحظ أن قصة شعره خادشة للحياء العام والحياء الخاص والحياء الذي بين وبين.
ماهي إلا هنيهات، حتى انهمرت برامج الواقع التلفزيونية العربية، وسبحان الله لم يكن توالدها تنافسياً، أو مطوراً للفكرة، بل لكيلا يقول أهل الإمارات إن لبنان لديها برنامج واقع، فمن العيب ألا يكون لدينا برنامج مثله، وهكذا، حتى تكتمل بقية قصة التناحر العربي التي تعرفونها، فتحولت فكرة تلفزيون الواقع، إلى واقع تلفزيون سيئ.
التي جاءت بالعيد قبل العيد، هي قناة بداية الدينية، لمّا أطلقت أضخم وأكبر تلفزيون واقع في كل العالم العربي، يتنافس فيه مجموعة من الشباب المتدين.
تلفزيون الواقع بقناة بداية جيّد جداً من حيث الفكرة والنوايا، لكن الخصوصية التي ذبحتنا في أول المقال، عادت في آخره، اذ تحوّلت قناة بداية، إلى شباب يتطاردون ويتقافزون ويتصارخون، في شكل مزعج لاعلاقة لفكرة تلفزيون الواقع به، وإن كان الجانب الترفيهي والترويحي مهم ولا مانع منعه، إلا ان هناك فرقا بين الترويح والمسخرة.
بعد إضافة نكهة الخصوصية، كرهنا كل برامج الواقع العربية، وكرهنا الواقع وكرهنا الخيال.