أحد جهود مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني هو فتح قناة باسم حوارات المملكة، وهي تقدم لقاءات مع القيادات في بلادنا يتم فيها الإجابة عن أسئلة المجتمع، وهو جهد يستحق شكرهم عليه.
في الحلقة الأولى من البرنامج تمت استضافة الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود وزير التربية والتعليم، وهو اختيار موفق؛ لأنها الوزارة الأهم بالنسبة للجميع.
وقد استوقفني أولاً في اللقاء قول الوزير إن 80% من ميزانية الوزارة تذهب لبند الرواتب والباقي للصرف على التعليم.
للأسف البعض يظن أن ميزانية الوزارة كبيرة لأنه يقارنها بغيرها، في حين أن عدد منسوبيها لا يمكن أن تجده في أي وزارة أخرى، وكما تفضل الوزير؛ فنحن نبني في الصحارى مدارس، وفي رؤوس الجبال حتى يصبح التعليم في متناول كل السعوديين، وهو ما يحتاج إلى وزارة ذات ميزانية عالية تسمح بالتوسع والتطوير والإصلاح.
وإذا كانت ميزانية الدولة ـ مع حرص القائمين عليها على منح التعليم الحصة الأكبر ـ لا تكفي؛ فعلى الوزارة أن تفعل ما يؤدي إلى حماية هذه الـ20% المتبقية بعد بند الرواتب ومن ثم دعمها.
وهذا يتطلب منها تقليل الهدر فيها، وأقرب مثال على ذلك الكتب التي تكلف طباعتها سنوياً الكثير من المال، فلِمَ لا تتم إعادة تدويرها؛ فسيمثل ذلك مصدر دخل للوزارة فقط إذا ضمنت إرجاعها في نهاية العام، وذلك عبر وضع أنظمة تجبر الطالب على إعادة الكتاب بدل رميه في حاويات القمامة، أكرمكم الله. أيضاً الهدر في الوزارة يحدث في المدارس التي يتم منح إنشائها لشركات تقدم الأقل في المناقصات، وغالباً هي تجهز البناء بتجهيزات منخفضة الجودة ثم تسلمها للوزارة، وفي غياب الرقابة نظل نعيد صيانتها وتجهيز المدرسة من جديد كل عام، مما يؤدي إلى هدر آخر.
أيضاً هناك هدر يتمثل في تدريب القيادات التي اقتربت من التقاعد خارج المملكة، وبخاصة مَن لا يجيدون اللغة الإنجليزية، مما يدفعك للتساؤل: هذا التدريب مكلف جداً ويصل إلى مائة ألف ريال، فكيف تقدمه لشخص لن يكون على رأس العمل بعد عام أو عامين؟!
أيضاً مما يمثل لي هدراً هو تغاضي مديري القبول في إدارات التعليم عن ارتفاع نسبة الملتحقين بالمدارس من غير السعوديين، ففي الوقت الذي تحدده الوزارة بـ15% تصل النسبة لـ 80% في بعض المدارس في جدة ومكة، وهذا له تأثيره السلبي على بيئة المدرسة، وحجم الاستيعاب لدى الطالب السعودي، وحدوث تكدس في الفصول، كما أننا لا نساهم في دعم المدارس الأهلية عندما نوفر لهؤلاء مقاعد حكومية، وهذا هدر آخر.
كذلك على الوزارة أن تهتم بفتح موارد أخرى غير الميزانية، وهو ما يحدث في كل بلاد الدنيا، حيث يشارك المجتمع في دعم التعليم مادياً، وفي الواقع آخر ما رأيته من مشاركة هو ما قدمته بضع شركات في مؤتمر الجودة، لذا يجب أن تواصل الوزارة جهودها في حث رجال الأعمال على المشاركة، كما أن الوزارة يمكنها أن تستفيد ممّا تملكه من مبانٍ وملاعب ومراكز تدريب في خدمة المجتمع من جهة، وجعلها مصدر دخل لها من جهة أخرى. في الحلقة كثير من إجابات سمو الوزير التي سأحرص على التعليق على بعضها في المقالات القادمة، إن شاء الله.