قد تكون الساحة الأدبية العربية عامة، والسعودية خاصة بحاجة ماسة إلى ظهور حركة نقدية جادة تواكب النتاج الثقافي بكل صوره لتفعيل المستجدات في الأعمال الإبداعية بتوجيه وقراءة متأنية.

الحركة الأدبية السعودية في مراحل متقدمة لم يتصد لها النقاد بشكل نشط ليثروها، وأصبح النقد غير مواكب للأعمال. نعم لدينا نقاد لكن بعضهم يختار الأعمال بشكل نخبوي فيسلط عليها الأضواء ولا نرى طرحا نقديا حقيقيا بل أحيانا نرى تجاهلا وتهميشا للأعمال الإبداعية للشباب.. وما يلاحظ من احتفاء في الملاحق الثقافية بما يكتب في بعض دور النشر الخارجية وتفرد له صفحات النقد ليس لتبني موهبة وعمل (بل زفة إعلامية من النخبة حتى وإن لم يكن مقنعا) مما اضطر الشباب إلى اللجوء لوسائل الاتصالات وتقنية المعلومات التي سهلت لهم الكتابة والنشر إلكترونيا وهو حل، لكنه يفتقد للنقد والتقويم والدعم. يقال إننا استبعدنا من الجائزة العالمية للرواية العربية (وهي النسخة العربية لجائزة البوكر العالمية) لعام 2012م لعدم جودة ما قدم من أعمال روائية.. فهل الناشر السعودي لم يخدم العملية الإبداعية بقوة أو يتبنى أعمالا جادة، وتكون لديه خطط كالتي تتم بكل دور النشر في العالم ليشارك بمثل هذه الجائزة؟ وما الذي أدى إلى أن معظم الكتاب في شتى المجالات الأدبية يتجه للنشر في الخارج؟ إذا كان هناك تراجع في نشر معظم أشكال العمل الأدبي فأظن أن المواهب تحتاج محاضن لدعمها وتقديم الجيد منها بحيادية لئلا تكون مجرد تقليد لحدث أو موضة.

مؤكد أن بعض الإصدارات الروائية السابقة تجاوزت في طرحها حدودا غير مقبولة وليس بها إبداع ليبررها.. فالعمل الأدبي حالة إبداعية يستشعرها القارئ وتحتاج لحركة نقد داعمة لها تستطيع من خلالها دور النشر أن تقيم أعمالها الأدبية.

دور النشر السعودية التي لها اتحاد ناشرين يجب أن يكون من أولوياتها تبني الأعمال الإبداعية بمبادرات وليس بمنطق تجاري بحت، فتسرب المواهب الأدبية الشابة واضطرارها لنشر أعمالها في الخارج يرجع لأسباب من أهمها الأسعار والانتشار. وهنا يأتي دور الحركة النقدية وضرورتها لمواكبة العمل الأدبي الجيد وانتشاره.