حققت المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز الكثير من طموحاتها، وبرزت، ليس على المستوى المحلي فقط، بل تجاوزت ذلك إلى خارج حدود المملكة، فنجحت في العديد من المجالات، وقد دفع ذلك وزارتي الخارجية، والتعليم العالي لاستقطاب السعوديات في مجال جديد، وهو المجال الدبلوماسي، ونظرا لأن عمل المرأة السعودية في الملحقيات والسفارات قليل، طالب البعض بزيادة عدد السعوديات في هذا المجال، بدلا من الأجنبيات، مرجعين ذلك إلى أهمية وجود المرأة في السفارات والملحقيات الثقافية السعودية، حيث ستكون مصدر أمان لحفظ أسرار الدولة.
تقول مديرة قسم البرامج الطبية والعلوم الصحية بالملحقية الثقافية بواشنطن الدكتورة سمر السقاف إن الدبلوماسية السعودية استطاعت أن تقدم نموذجا مرموقا في منصبها، ووجها مشرقا للعمل في مجالات عدة، منه المجال الإداري في قسم البرامج الطبية والعلوم الصحية في واشنطن.
وتضيف الدكتورة السقاف "اختيار عدد من السيدات السعوديات للعمل في الملحقيات الثقافية في بعض الدول الأجنبية ساعد على تقديم نماذج مضيئة للمواطنة السعودية، وتمكنت المرأة من خلال عملها في الملحقيات من نقل ثقافة المجتمع السعودي وعاداته للمجتمعات الغربية، وساعد ذلك على تكوين انطباع إيجابي عن المرأة العربية، وترسيخ ذلك في نفوس الشعوب.
وتشير إلى أن اختيارها لهذا العمل كان من قبل الملحق الثقافي السعودي بواشنطن الدكتور محمد العيسى الذي ركز على دعم الملحقية الثقافية في واشنطن بالكوادر السعودية المتخصصة من النساء والرجال للعمل، مما أحدث نقلة نوعية للمرأة السعودية، وساعدها على دخول مجال حديث يكسبها معرفة شخصيات دبلوماسية مرموقة في عالم السفارات والملحقيات.
وتقول الدكتورة السقاف "عملت في كثير من المناصب، ولكن ضخامة المسؤولية وضغط العمل هنا لم أشهد مثله في كل ما كلفت به سابقا، حيث يتركز اهتمام العاملات في السفارات والملحقيات الثقافية على خدمة المبتعثين المتواجدين على مساحات شاسعة في الولايات المتحدة"، موضحة أنها تقوم مع فريق عمل على إنجاز المعاملات اليومية للطلاب المبتعثين بسرعة وكفاءة عالية اكتسبتها من عملها في الملحقية، إلى جانب الخبرة السابقة في المفوضات مع الجامعات الأميركية.
وتؤكد السقاف أنها من خلال تواجدها في الملحقية بواشنطن كونت شبكة شاسعة من العلاقات الضخمة تستفيد منها في تسريع إجراءات القبول للمبتعثين، إلى جانب توفير الفرص الوظيفية المناسبه لهم، مشيرة إلى أنها من خلال عملها هذا أيقنت أن مشروع الملك عبد الله للابتعاث أضخم مشروع للتنمية البشرية في هذا القرن.
وعن العقبات التي تواجه المرأة في هذا العمل قالت "عند العمل في دول أجنبية يصادف الشخص العديد من العقبات خاصة المرأة، فعملها في الولايات المتحدة الأميركية يحتاج إلى معرفة قوانين البلد التي لابد من اتباعها، كما تحتاج المرأة إلى مواصلات للتنقل بين الملحقية والجهات المختلفة لإنجاز الأعمال التي ترتبط بالملحقية"، وقد دفعها ذلك لتعلم قيادة المركبة،" كذلك فترة الدوام الكامل داخل الملحقيات والسفارات تعيق المرأة عن إنجاز معاملاتها الخاصة".
وأضافت "من الصعوبات التي تواجه العاملات في السفارات والملحقيات كذلك الطلاب المبتعثين غلاء المعيشة، والذي يعد من أهم الصعوبات التي تواجه الموفدين للخارج، كذلك فارق التوقيت، واختلاف مواعيد الإجازات بين الدول الأجنبية، كون الإجازة في المملكة يومي الخميس والجمعة، وفي واشنطن يومي السبت والأحد، وكثيرا ما نضطر للعمل في الإجازات لتسريع معاملات الطلاب والطالبات"، مشيرة إلى أن الإصرار على النجاح يساعد المرأة في التغلب على أي عقبات.
وعبرت عن اعتزازها بالسعوديات العاملات في واشنطن، حيث كونت صداقات عديدة معهن، وهنّ احتضنّ أفراد عائلتها في غيابها، مما هون عليها الكثير من الصعوبات، خاصة في بداية عملها في أميركا.
وأكدت الدكتورة السقاف أن وزارة التعليم العالي ساهمت بشكل كبير في تمكين المرأة، ومنحها الفرصة للعمل بالخارج لتكون سفيرة لوطنها. تقول "المرأة السعودية قادرة على هذه المسؤولية، فمثلا في مجال عملي استطعت أن أحصل على تخفيضات في الرسوم الدراسية، وعلى مقاعد متعددة في تخصصات طبية، كان من المستحيل أن يحصل عليها الطبيب السعودي في السابق".
وتابعت السقاف أنها كونت أول ناديين سعوديين للأطباء في واشنطن يتم اختيار رئيسيهما بالانتخاب، وهما يساهمان في عملية بناء الشبكة المهنية التي نحتاجها، وعبرت عن تطلعها إلى أن ترى كراسيَ علمية في الجامعات الأميركية، تقوم بتدريب الأطباء، ولا سيما في التخصصات النادرة، مثل كرسي الملك عبد لله لجراحات المخ والأعصاب أو العيون أو جراحة العظام.
ودعت إلى مساهمة رجال الأعمال في هذه الكراسي العلمية، وحثت على الاستفادة من الابتعاث في توجيه الأبحاث العلمية لمصلحة الوطن، وأن ترى في القريب العاجل المرأة السعودية في منصب سفير أو ملحق ثقافي أو صحي أو تجاري.