ثلاثة من نجوم الكرة السعودية في السنوات الخمس الأخيرة، نزعوا قمصان أنديتهم الرئيسة التي برزوا فيها وشهدت نجوميتهم وشهرتهم، واستبدلوها بقمصان أندية منافسة.
إلى هنا والأمر عادي جداً، طالما أننا نتحدث عن دوري محترف، وانتقالات مشروعة، وعقود بيع وشراء، فهذا يعني أننا نطبق القاعدة التجارية التي تتلخص في "عرض وطلب".
منذ أكثر من خمسة أعوام لم تشهد الكرة السعودية ولادة نجوم كشهرة الثلاثي ياسر القحطاني ومالك معاذ وسعد الحارثي، ومع بروزهم تذكر الجميع جيل ماجد والثنيان وخالد مسعد ومحيسن الجمعان وحمزة إدريس وفهد المهلل وحسام أبو داود.
إلاّ أن اللافت أن هذا الثلاثي، كانت قصتهم وحكايتهم واحدة، فقد ظهروا في وقت واحد، وتوقفت نجوميتهم في وقت واحد، وغادروا أنديتهم في عام واحد.
إلى نادي النصر اتجه مالك معاذ مهاجم الأهلي، وإلى العين الإماراتي كانت رحلة ياسر القحطاني قادما من الهلال، وهاهو سعد الحارثي مهاجم النصر يختار الهلال المنافس التقليدي لفريقه السابق.
لكن العامل المشترك الذي يجمع هؤلاء الثلاثة، أنهم غادروا أنديتهم دون ضجيج، أو اعتراضات جماهيرية تطالب ببقائهم، والسبب يعود لتراجع مستوياتهم، ثم أنهم لم يحصلوا على عقود انتقالات كبيرة، ولم تشهد فترة انتقالهم دخول أكثر من ناد محلي أو خارجي للتوقيع معهم.
هل عرفتم لماذا ؟ لأن الشهرة والمال لعبا دوراً كبيراً في اختفاء ياسر ومالك وسعد "النجوم"، وحولاهم إلى هواة للسفر والسهر، واختاروا أن يكونوا رجال أعمال يركبون السيارات الفارهة، فتحولت اهتماماتهم ومهنهم من لاعبي كرة قدم، إلى لاعبين مع وقف التنفيذ!.
قبل سنوات، ويوم أن وقع كل لاعب من هؤلاء الثلاثة عقده مع ناديه أو جدده، لم يكن عقد أي واحد منهم يقل عن عشرة ملايين، وواحد منهم فاق هذا الرقم ووصل إلى الضعف، ويومها بارك الوسط الرياضي هذه العقود، بل كان هناك من يطالب بالزيادة لهم.
لكن كل شيء تغير وتبدل، وهي حالة يشترك فيها الكثير من اللاعبين الذين يخططون لتوقيع "العقد الثاني" وعندما يحصلون على ما يريدون ويضمنون التوقيع، تبدأ الإصابات والغيابات وعدم الاهتمام بأداء التدريبات والحرص عليها، وبالتالي يهبط مستوى الأداء، وشيئاً فشيئاً يكون اللاعب خارج اهتمامات المدرب وبعيدا عن قائمة الفريق الأساسية.
إن تلك الحالات باتت ظاهرة، ولم تعد مقتصرة على ياسر ومالك وسعد، فأغلب اللاعبين اليوم يتعاملون مع العقد الأول بوجه، ومع الثاني بوجه آخر، وهذا سببه خلل في نظام الاحتراف الذي "قوّى" اللاعب على النادي، وساهم في تدليله، وأضعف موقف النادي.
وبالمناسبة، فأنا أحيي أندية الأهلي والهلال والاتحاد والشباب على التنسيق الذي تم بين رؤساء الأندية الأربعة لإبرام اتفاقية ملزمة فيما بينهم بشأن تحديد سقف أعلى لعقود اللاعبين ـ وإن تأخر كثيراً ـ، ولكنه خطوة جيدة في طريق التفاهم والتنسيق الذي أتمنى أن يستمر، وألاّ تنسفه المصالح الخاصة.
ولعلي أقترح على هذه اللجنة الرباعية، أن تضيف بنداً آخر ـ على طريقة اجتماعات الوزراء العرب ـ، برفع توصية للجنة الاحتراف بإعطاء صلاحية للنادي في حال عدم رغبته باستمرار اللاعب لهبوط مستواه، أو نتيجة سلوكيات غير جيدة، بإعارته لأي ناد، وإن رفض ينزل عقده إلى النصف، فتتم التسوية بين الطرفين وتتبعها المخالصة.
أسوق هذه الفكرة لمعرفتي بما يعانيه الكثير من الأندية مع بعض اللاعبين الذين توقف عطاؤهم، وما زالت عقودهم سارية لسنوات أخرى، وعندما عرضت عليهم أنديتهم الانتقال إلى أندية أخرى رفضوا وبشدة، وليس في مقدور النادي إجراء مخالصة معهم لارتفاع أرقام عقودهم!.
فهل تأخذ اللجنة الرباعية بهذه الفكرة التي إن نفذت ستفيدها وتفيد غيرها؟.