المغامرة بالاستثمار في الإعلام المرئي"القنوات التلفزيونية" من أخطر المغامرات التجارية التي قد يقوم بها رجال الأعمال اليوم في ظل ثورة الإعلام الجديد والاتصالات، إنها ببساطة تحتمل الخسارة أكثر من الربح، كونها تستهلك الملايين وقد تُجنى أرباحها وربما لا، فمعيار الربح نسبة مشاهدة أعلى، لكنه ليس سهلا، كون المغامرة تتعامل مع مشاهدين من مختلف الشرائح الاجتماعية والاهتمامات المتعددة والمستويات الثقافية المتنوعة، ويزيد من صعوبة المغامرة أن المشاهد اليوم ليس مشاهد الأمس، إنه مطّلع ومتطلّع وذكي، وقد أسهم الإعلام الجديد في تثقيفه وتوسيع مداركه، وبات أقرب للحقيقة عبر اليوتيوب، ولهذا يحتاج من يُفسر له هذه الحقيقة وأسبابها، ويقدم له مجموعة من التحليلات تحترم حريته بما سيقتنع به منها دون وصاية على تفكيره، بجانب أهمية تقديم طبق من الذهب مليء بالمعلومات الصحيحة، هذا هو الدور الحيوي للقنوات الفضائية اليوم إن كانت تريد المنافسة، لكن مع الأسف إلى الآن أكثرها لم يستوعب ما فرضته عليها ثورة الإعلام الجديد، واكتفت بالتعامل الشكلي معه، ونسيت أن مشاهدها يمتلك"الريموت كنترول".
الأمير الوليد بن طلال استطاع بحسه الوطني كسب التحدي، وتحقيق النجاح، نتيجة امتلاكه الرؤية المتطلّعة التي تحترم ذوق المشاهد وطموحه، بجانب احترام القيم المجتمعية والوطنية في ذات الوقت، إذ أحدث توازنا بين ما يحتاجه المجتمع كمتلق وما يحتاجه الفرد كمتلق لتنميتهما، ففي ظل ثورة الإعلام الجديد باتت القنوات تخسر مشاهدة الفرد لتحقيق رضا المجتمع، وأخرى حصل معها العكس، إلا قنوات روتانا الرئيسة ممثلة في الرسالة وروتانا خليجية وروتانا مصرية، إذ تفوقت نتيجة جدية الطرح الإعلامي المهني الذي تقدمه من حيث تحري المعلومة والموضوعية، دون إقصاء ودون تدخل المجاملات على حساب العمل الإعلامي، فمن خلال معرفتي، دائما ما أقول: "إن دخلت المجاملات في العمل الإعلامي من الباب خرجت المهنية من الشباك"، ولهذا تفوقت قناة روتانا خليجية وباتت أهم القنوات لدى المشاهدين السعوديين، لأنها القريبة من حياتهم، إنها تناقش قضاياهم وهمومهم وأحلامهم ومستقبلهم عبر برامجها الواعية، بداية من الزميل القدير علي العلياني وبرنامج "يا هلا" الذي كان بابا فتح للاهتمام بما يطلبه المشاهد السعودي، فبدأت التحديات ببرنامج "رأي عام" للزميل ياسر العمرو، إلى "اتجاهات" للزميلة نادين البدير، و"الأسبوع في ساعة" للزميل إدريس الإدريس، و"لقاء الجمعة" للزميل عبدالله المديفر إلى آخر البرامج الدسمة تنمويا، وبصراحة لولا مغامرة الأمير الوليد بن طلال في روتانا، لما تمتع المشاهد السعودي اليوم بمن يهتم بصوته وفكره بموضوعية تحكمها المهنية، فشكرا له ولفريق عمله، لأنهم استثمروا في العقل والمجتمع السعودي وفي صناعة النجوم من الإعلاميين السعوديين الشباب الذين باتوا منافسين لنجوم الإعلام العربي.