كثفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) جهودها لإقناع الرأي العام الأميركي بمحدودية العمليات العسكرية في ليبيا، عبر مؤتمرات صحفية عقدت أول من أمس على الرغم من عطلة نهاية الأسبوع.
وكان أهم المؤتمرات ما عقده مدير طاقم الأركان المشتركة الأدميرال ويليام جورتني، وأكد فيه أن الولايات المتحدة ستسلم قيادة العمليات إلى شركائها في التحالف الدولي خلال وقت قصير، مشيراً إلى أن دور الولايات المتحدة سيأخذ في التراجع بصورة تدريجية خلال الأيام المقبلة.
وبينما أكد جورتني أن هدف العمليات ليس إسقاط القذافي فإن تساؤلات كثيرة ترددت في واشنطن منذ بدء العمليات حول مداها الزمني المحتمل، واحتمالات أن تتطور إلى لحظة تحتم إدخال قوات برية إلى ليبيا. وكانت تلك التساؤلات ترتكز على المخاوف من أن تتطور الأمور إلى جمود في مسار المواجهة، طالما بقي القذافي في مقره "باب العزيزية"، ورفض الليبيون استمراره في السلطة دون قدرة على إخراجه من مخبئه هناك.
وعقد الرئيس باراك أوباما مؤتمراً عبر شبكة تلفزيونية مغلقة من مقر إقامته في البرازيل التي غادرها إلى تشيلي أمس، مع كل من مستشار الأمن القومي توم دونيلون ونائبه دينيس ماكدونو ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ورئيس طاقم البيت الأبيض بيل ديلاي وقائد المنطقة العسكرية لأفريقيا الجنرال كارتر هام ووزير الدفاع روبرت جيتس.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن النقاش تناول سير العمليات وطبيعة الخطاب الذي ينبغي على الإدارة أن توجهه إلى الشعب الأميركي لتجنب تزايد مشاعر القلق من الدخول في مواجهة عسكرية في مرحلة تمر بها البلاد بضغوط عسكرية بسبب حربي أفغانستان والعراق وضغوط مالية بسبب العجز الكبير في الموازنة.
وكانت بعض التقارير التي تداولتها واشنطن أشارت إلى وجود "سيناريوهات متعددة" لعمليات أخرى تضاف إلى الحظر الجوي وتهدف إلى التخلص من القذافي لوضع نهاية سريعة للعمليات.
وقال أعضاء بالكونجرس إن المسار الحالي للعمليات ينذر بأن تتورط الولايات المتحدة في إرسال قوات برية إن لم يسفر فرض الحظر الجوي عن إنهاء الجمود في الموقف الليبي ولاحتمالات أن تؤدي إلى ظهور معارضة متزايدة في الشارع الأميركي.
ويشكل هذا العنصر الأخير ـ أي عنصر إطالة المدى الزمني للعملية، مصدر قلق كبير للإدارة ما قد يدفع بها إلى الاعتماد على "سيناريوهات العمليات الخاصة السرية" للتخلص من ذلك الجمود. بيد أن البنتاجون نفى بشدة أي احتمال لإدخال قوات برية إلى ليبيا. وأوضح جورتني "نرفض إشراك قوات أرضية من جانبنا أو من جانب غيرنا وأكرر ذلك الآن. ليس هناك أي احتمال لمشاركة قواتنا الأرضية في أي عملية فوق الأراضي الليبية". وهو الأمر الذي أكده وزير الدفاع جيتس، مشيراً إلى أن الليبيين سيقررون بأنفسهم مستقبل بلادهم. وأضاف أثناء توجهه إلى روسيا أمس "مسألة ما إذا كانت هناك أو لم تكن هناك مساعدة خارجية إضافية للثوار أمر مازال لم يحدد". واستدرك أن الولايات المتحدة تريد أن تبقى ليبيا دولة موحدة، موضحاً أن تجزئتها ستكون "صيغة حقيقية لعدم استقرار دائم".
في المقابل، خيمت أجواء العمليات العسكرية على ليبيا، على جولة أوباما في أميركا الجنوبية، حيث وصل أمس إلى تشيلي محطته الثانية قادماً من البرازيل. وعقد أوباما مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع رئيس تشيلي سيباستيان بينيريا لشرح الأسباب التي دفعته لإصدار أوامره للجيش الأميركي بالمشاركة في العملية العسكرية.