قبل فترة كنت في أحد المجمعات التجارية في مدينة خليجية مجاورة، دخلت أحد المحلات، وأثناء وقوفي أمام "الكاشير" لفت نظري ملصق بارز مكتوب في الخلف.. أعجبتني العبارة جدا، لكنني أردت التحقق من مصداقيتها، تناولت هاتفي وكتبت العبارة.. ملخصها يدور حول الطلب من المستهلك أن يعرف حقوقه، وفي حال كانت لديه شكوى أن يبادر بالاتصال على الرقم المجاني الموضح وسيتم إنصافه.

أثناء فراغي من نقل العبارة، وجدت البائع ينظر إلي بدهشة.. ظن أن هناك شكوى معينة.. أو أنني لاحظت مخالفة.. كان الارتباك ـ دون مبالغة ـ واضحاً على وجهه.. لم يقطع شكوكه سوى شكري له على جودة البضاعة والسعرالمعقول وأمنياتي بتكرار الزيارة.

غادرت المحل.. وفعلاً لفت انتباهي قلق البائع.. أدركت أن الحكاية ليست مجرد لافتة والسلام.. قادني الفضول للبحث عن معلومات عن حماية المستهلك هناك.. وجدت أن ثقة الناس بهذه الهيئة تزداد سنة تلو أخرى والدليل ارتفاع رقم الشكاوى هذا العام عن العام الذي قبله.. وجدت ـ وهذه نافلة ما وجدت ـ أن عبارة (البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل) التي يرفعها تجارنا في وجوهنا، مرفوضة تماما هناك.. هناك البضاعة ترد وتستبدل.. ومن يخالف ذلك يلزم بدفع غرامة مالية كبيرة!

وجد الناس في هذه المدينة جهة تتحقق من شكاواهم فورا دون تأخير.. تحاسب التاجر دون تردد.. تعيد الحقوق لأصحابها دون لجان، وتضبط البيع والشراء دون معاملات " رايحة جايّة".. أصبح المستهلك يعرف حقوقه جيدا ويعرف أن هناك جهة حازمة ستعيد له هذه الحقوق مباشرة في حال تعرضه للغش أو التدليس.. قرأت بالمناسبة أنها تمت إعادة الحق لـ2988 مستهلكا من أصل 2900.. وبقيت 12 شكوى فقط قيد التحقيق ـ هذه هي الحماية الحقيقية للمستهلك.. تشتكي اليوم تأخذ حقك بعد ساعة من الشكوى وليس بعد سنوات من الركض ومطاردة السراب!

الخلاصة: " وش ناقصنا ما نصير مثلهم" سؤال ساذج.. لكـنه مـحيّر فعلا!