مؤلمة بقدر ما هي محزنة، مشاهدة قتل المدنيين في سورية مع تقاعس المجتمع الدولي ضد هذا النظام الوحشي الذي قتل شعبه وبدد أمواله.
لعل هذه الأزمة الدولية توجب ضرورة عدم استنساخ تجربة ليبيا فليبيا ليست سورية ليقاس عليها.
ليبيا مساحة جغرافية واسعة وساحلها طويل ومكشوف سهل الضربة العسكرية من قبل حلف شمال الأطلسي، ناهيك عن دفاعات ليبيا الجوية المتهالكة التي لم تسجل أي مقاومة تذكر.
صحيح أن نظام الأسد فاسد ودبلوماسيته مضللة. لكن هناك أمورا قد تلعب دورا مهما إلى صالحه. فالتقسيمة الجغرافية مختلفة عن مثيلتها في ليبيا وقد تقلب الأمور إلى مسار غير محمود. أيضا ما يتعلق بخطى المعارضة السورية فهي غير راسخة (على الأقل حتى الآن) ولا يمكن التعويل عليها كثيرا. وثمة أمر ثالث وهو الأهم، فالتحالف الدولي الساعي إلى الضغط على سورية غير مطمئن وبالتحديد في تحركات الروسيين والصينيين، بعد تعمد روسيا الأسبوع الماضي دعم دمشق بالصواريخ غير الاعتيادية وخطواتها لتحريك أسطول من السفن الحربية للمساندة. وحتى تركيا رغم دعمها وفرضها أشد العقوبات ضد الأسد، إلا أنها لن تسمح على جبهتها بأي تدخل عسكري غير محسوب قد يشعل الفتيل مع إسرائيل أو إيران.
إذن جميع تلك المعطيات تقول: إن معركة سورية لن تكون سهلة ومن المرجح أنها ستكون طويلة. لهذا على السياسيين والمخططين العسكريين النظر إلى الأمور بعناية فائقة وعدم إغفال أمرين مهمين: أولهما المضي قدما في تشديد العقوبات وإغلاق الحدود اللبنانية والتركية المحاذية لسورية لمنع دخول الأسلحة. وثانيهما: دفع العرب والأتراك لدعم المعارضة السورية بالمال والعتاد والمشورة. وإذا ما بدأت العمليات العسكرية، فلن تكون هناك عودة إلى الوراء لهذا من المنطق النظر إلى الأمر بغير مقياس ليبيا.