أعلن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح حالة الطوارئ في البلاد أمس عقب مقتل حوالي 50 شخصا وإصابة نحو 240 آخرين، إثر مداهمة قوات الأمن مدعومة بعناصر تطلق على نفسها "اللجان الشعبية" وأنصار الحزب الحاكم المعتصمين في ساحة جامعة صنعاء (ساحة التغيير) عقب صلاة الجمعة، وأطلقوا عليهم النار. وأعرب الرئيس صالح عن "الأسف" لمقتل هؤلاء الذين كانوا يطالبون بإسقاط نظامه، واصفا إياهم بأنهم "شهداء الديموقراطية". وكشف عقب اجتماع لمجلس الدفاع عن وجود عناصر مسلحة في أوساط المحتجين. كما نفت وزارة الداخلية أي صلة لأفراد الشرطة بعملية إطلاق الرصاص على المحتجين. وقالت إن اشتباكا اندلع بين المعتصمين والأهالي ما استدعى تدخل أفراد الأمن لفض الاشتباك. وأشارت إلى فتح تحقيق لكشف ملابسات الحادث الذي وصفته بالمؤسف.

أما الناطق باسم المستشفى الميداني في ساحة التغيير الطبيب محمد القباطي، فقال إن حالات القتلى والإصابات كانت بسبب رصاص استهدفهم في الرأس والصدر والرقبة.

وفي السياق، قال الأمين العام للجنة التحضيرية للحوار الوطني، أحد أكبر خصوم الرئيس صالح، الشيخ حميد الأحمر "لقد حكم صالح على نفسه وأسرته بالخروج"، مؤكداً أن "دماء الشهداء لن تضيع". كما اتهم الناطق باسم اللجنة التحضيرية للحوار الوطني والقيادي في أحزاب اللقاء المشترك المعارض محمد الصبري، الرئيس صالح شخصيا وأولاده وأقاربه من قادة الجيش والأمن مسؤولية إعطاء الأوامر لمن وصفهم بـ "البلطجية" بارتكاب "مجزرة جماعية" في حق المعتصمين بساحة التغيير. وطالب الرئيس صالح بالرحيل الفوري عن السلطة، معلنا رفض أحزاب اللقاء أية مبادرات لإعادة الحوار مع الحكومة.

كما وصف الناشط الحقوقي محمد عبدالرحمن الصوفي الهجوم بأنه "مخطط استهدف ارتكاب مجزرة جماعية للمعتصمين سلميا". وحمل الصوفي الرئيس صالح المسؤولية، معتبرا أن المجزرة أنهت الخيارات المتاحة أمام صالح للخروج الآمن من السلطة.

من ناحيته أعلن القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم محمد علي أبو لحوم سحبه مبادرته التي قدمها مؤخرا لحل الأزمة، مطالبا الرئيس صالح بأن يسارع إلى تقديم مرتكبي مجزرة ساحة التغيير إلى المحاكمة وأن ينصاع لمطالب شعبه. وخرجت تظاهرات غاضبة عدة في عدد من المناطق اليمنية احتجاجاً على مجزرة صنعاء، فخرج الآلاف في عدن إلى الشوارع في مسيرة تعد الأضخم للمطالبة بإسقاط النظام.

وفي محافظة تعز فرضت قوات الأمن حصاراً على مدينة تعز ومنعت الدخول والخروج إلى المدينة لمنع الوصول إلى جمعة "الإنذار الأخير" في منطقة صافر بعصيفرة. وقالت مصادر إن المدينة شهدت انتشارا كثيفا للآليات العسكرية في محيط ساحة الحرية بالمدينة, كما انتشرت الدبابات وقوات الأمن في الشوارع بالإضافة إلى مسلحين بلباس مدني. وفي السياق، قدم حوالي 90% من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام في محافظة صعده استقالات جماعية من الحزب الحاكم احتجاجا على مجزرة ساحة التغيير، وذلك بعد اللقاء التشاوري الذي دعا إليه أمس أشهر تجار السلاح في اليمن فارس مناع وضم جمعا كبيرا من أعضاء السلطة المحلية والشخصيات الاجتماعية.

وقال ابن مناع إنه سيعقد جلستين في القريب العاجل يتم من خلالهما إقرار الكيفية التي يتحرك بها أبناء محافظة صعدة لمساندة الشعب اليمني. وأضاف أن جميع أعضاء المؤتمر الشعبي العام من مختلف مديريات محافظة صعدة أعلنوا استقالتهم من حزب المؤتمر الشعبي العام، وأكدوا تضامنهم مع المطالبين بالتغيير.

وحول ردود الفعل الدولية، دانت العديد من عواصم العالم المجزرة اليمنية، دان الرئيس الأميركي باراك أوباما العنف في اليمن، ودعا صالح للالتزام بتعهده بالسماح بالاحتجاجات السلمية. كما قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن الولايات المتحدة تطالب بـ "إنهاء العنف" في اليمن. ودان أيضا مستشار أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان، "بأشد العبارات" إطلاق أنصار النظام اليمني النار على المتظاهرين.

وكذلك دان الهجوم كل من فرنسا وبريطانيا ودول أخرى، إضافة إلى العديد من المنظمات الدولية.