تسارعت التطورات بشأن الأزمة الليبية بوتيرة مطردة بعد أن أجاز مجلس الأمن استخدام القوة ضد نظام العقيد معمرالقذافي في قرار صدر فجر أمس، وإعلان فرنسا أن العمليات العسكرية في ليبيا ستبدأ في غضون ساعات. وبدأ المجتمع الدولي تحركا فعليا لتنفيذ القرار مع تصريح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" أندرس فوج راسموسن أن الشروط السياسية اللازمة لبدء التدخل العسكري للحلف في ليبيا اكتملت. في غضون ذلك أعلنت ليبيا أنها ستوقف العمليات العسكرية وستلتزم بقرار الأمم المتحدة. وردت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن قرار مجلس الأمن بشأن ليبيا "مجرد خطوة أولى وأن المجتمع الدولي سيواصل النظر في الخيارات". وأضافت أن الولايات المتحدة تريد أفعالا على الأرض في ليبيا وليس مجرد كلام". كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" أنها جاهزة لتنفيذ أوامر بشأن ليبيا.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السلطات الليبية للالتزام بجميع بنود قرار مجلس الأمن بشأن وقف العدوان. كما أعلنت جامعة الدول العربية تأييدها لإقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا، فيما أعلن هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أمس أن قمة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بشأن ليبيا ستعقد اليوم في باريس بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وبعد أن استخف بقرار مجلس الأمن واعتبر أنه لا يساوي قيمة الورق الذي كتب عليه ويهدد وحدة ليبيا وأنه "تآمر على الشرعية ودعوة لذبح الشعب الليبي"، أعلن الأمين المساعد لوزارة الخارجية الليبية خالد الكعيم أن ليبيا مستعدة لوقف إطلاق النار ضد المتمردين. وقال في مؤتمر صحفي "إننا جاهزون لهذا القرار لكننا محتاجون أن نتكلم مع طرف محدد لنناقش كيفية تطبيقه". وأضاف "سوف نتعامل مع هذا القرار بشكل إيجابي وسنؤكد نيتنا هذه من خلال ضمان حماية للمدنيين".
وفي باريس التي تولت قيادة التحرك ضد نظام القذافي عقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اجتماعا مع رئيس حكومته فرانسوا فيون ووزير الدفاع جيرار لونغيه ورئيس أركان القوات المسلحة الأميرال إدوارغيو للتباحث في سبل تطبيق قرار الأمم المتحدة حول ليبيا. ومن جهته أعلن مصدر دبلوماسي عقب اجتماع للناتو، أن الدول الأعضاء بالحلف مستعدة لمراقبة منطقة حظر الطيران لكن لا تزال هناك حاجة إلى التوصل لاتفاق حول التفاصيل المتعلقة بكيفية تطبيق هذا الإجراء العسكري. وأضاف أنه إذا لم يتقرر اتخاذ إجراء جماعي للناتو فإنه يتوقع أن يقوم "ائتلاف من الراغبين" في ذلك بقيادة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إلى جانب دول جامعة الدول العربية بالانخراط في هذا الإجراء العسكري.
وفي لندن أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده تستعد لنشر طائرات مقاتلة للمشاركة في عملية دولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا. وقال "العالم شاهد القذافي وهو يسحق شعبه بوحشية". كما أعلن الوزير البلجيكي للشؤون الأوروبية والتعاون أوليفييه شاتيل إثر اجتماع حكومي أن بلجيكا مستعدة للمشاركة بست طائرات مقاتلة إف-16 وفرقاطة للتدخل عسكريا في ليبيا في إطار الحلف الأطلسي. كذلك قالت النرويج والدنمارك إنهما مستعدتان للمساهمة في عملية فرض منطقة حظر الطيران فوق ليبيا. أما في روما فقد أعلن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أن بلاده على استعداد "لوضع قواعدها العسكرية تحت تصرف" الحلف الأطلسي تنفيذا للقرار الذي اعتمده مجلس الأمن بفرض حظر جوي على ليبيا. كما أعلنت وزيرة الدفاع الإسبانية كارمي تشاكون أن إسبانيا ستضع قاعدتين عسكريتين ووسائل عسكرية جوية وبحرية في تصرف الحلف الأطلسي. وقال وزير الخارجية اليوناني ديمترس دراوتساس إن بلاده مستعدة للتعاون مع حلفائها في التدخل العسكري لوقف الاضطرابات.
ورد الثوار على إعلان وزير الخارجية الليبي موسى كوسا أن ليبيا قررت "الوقف الفوري لإطلاق النار ولجميع الأعمال العسكرية"، بأن إعلان وقف إطلاق النار "ليس أمرا مهما" بالنسبة للمعارضة، معتبرا أنها خدعة من القذافي. وقال قائد الثوار العقيد خليفة حفتير إن "القذافي لا يقول الحقيقة أبدا، العالم كله يعلم أن القذافي كاذب، هو وأبناؤه وعائلته وكل من هم معه كاذبون".
وكان القذافي قد قال قبل صدور قرار مجلس الأمن "إن هذه ليست حربا بين دولتين لكي يلعب مجلس الأمن دورا"، مضيفا أنه بموجب ميثاق الأمم المتحدة لا يحق لمجلس الأمن التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة. وحذر أيضا أوروبا من التدخل قائلا إنه سيترتب على ذلك عواقب وخيمة على أوروبا ومنطقة البحر المتوسط. وأوضح "سيخرب البحر المتوسط".
وعلى صعيد تطورات الأحداث ميدانيا فقد أفاد طبيب بمدينة مصراتة أمس أن 25 شخصا قتلوا بينهم عدة فتيات صغيرات خلال القصف العنيف الذي قامت به القوات الموالية للقذافي للمدينة. وقال الطبيب وأحد السكان إن الدبابات الحكومية مازالت تقصف المدينة.
أوكامبو: مهاجمة المدنيين ستعتبر جريمة حرب
لاهاي: رويترز
حذر مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو أنه إذا هاجم الزعيم الليبي معمر القذافي مدنيين فإن هذه ستكون جرائم حرب. ويحقق مورينو أوكامبو بالفعل في احتمال ارتكاب القذافي وأبنائه ودائرته المقربة جرائم حرب بعد القتال بين قوات الأمن التابعة للقذافي والمعارضة المسلحة. وقال المدعي العام أمس "يجري التحقيق في جرائم ارتكبت في الماضي ويجب أن يوقفوا أي جرائم جديدة" مضيفا أنه إذا نفذ القذافي تهديداته للمدنيين فإن هذه ستمثل جرائم حرب إضافية وتعزز حجته ضد الزعيم الليبي. وأضاف أوكامبو "أنا أبني قضيتي. أود إعلامهم بذلك. أقول لهم ما يجب ألا يحدث. إذا استمروا في هذا فمن السهل جدا بالنسبة لي أن أكسب قضيتي أمام المحكمة".
وتابع في بيان مقتضب تلاه على الصحفيين "أعضاء الحكومة الليبية وجهوا إنذارا أخيرا لمواطني بنغازي بأن يغادر جميع المدنيين المناطق التي يعتزمون مهاجمتها". وأضاف "أريد أن أكون واضحا كمدع. توجيه هذا التحذير ليس عذرا لمهاجمة المدنيين. يمكن في الواقع أن يبقى مدنيون في بنغازي ويجب أن تكون القوات التي تهاجمهم حذرة. أي هجوم عشوائي يؤثر على المدنيين قد يمثل جرائم حرب والقادة سيتحملون المسؤولية". وقال "الحكومة يمكن أن تسيطر على العصيان لكنها لا يمكن أن تهاجم المدنيين. لا يحق لأحد أن يهاجم مدنيين". وكان المدعي قد ذكر في وقت سابق هذا الشهر أنه سيطلع مجلس الأمن في الرابع من مايو المقبل على التقدم الذي أحرزه في التحقيقات.