لم تفلح تطمينات منظمة الصحة العالمية أمس في تهدئة المخاوف العالمية من خطر التسرب الإشعاعي في اليابان، رغم التأكيد بأن انتشار الإشعاع محصور في منطقة المفاعل المتضرر، وأن التسرب لا يشكل خطراً مباشراً على صحة الإنسان.

في ضوء هذه المخاوف، عمدت اليابان إلى رفع تصنيف الحادث للمستوى الخامس على المقياس الدولي للحوادث النووية والمؤلف من سبعة مستويات، ووصفته بأنه "حادث ذو نتائج واسعة". كما دخل على خط الأزمة مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، الذي حث رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان على تقديم معلومات أكثر تحديداً بشأن المفاعلات في محطة فوكوشيما للطاقة النووية التي أصيبت بأضرار في الزلزال.

على صعيد متصل، قال مسؤول سويدي: إن ذرات إشعاعية منخفضة المستوى متسربة من المحطة النووية التي ضربها زلزال اليابان، رصدت وهي تتحرك شرقاً، ومن المتوقع وصولها إلى أمريكا الشمالية خلال أيام. وفي واشنطن قالت لجنة التنظيم النووي الأمريكية إن النشاط الإشعاعي سيتبدد نظراً لطول المسافة، وإنها لا تتوقع وصول أي كميات ضارة إلى البلاد. فيما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عزمها عقد اجتماع استثنائي الاثنين المقبل.

من جهته، حرص الرئيس الأميركي باراك أوباما على طمأنة الأميركيين بشأن عدم وجود مخاطر تسرب إشعاعي إلى البلاد، في حين أعلنت الشركة المصنعة لحبوب اليود والبوتاسيوم أن مخزوناتها نفدت بسبب كثافة الطلب. وأمر أوباما بفحص شامل للتحقق من سلامة المنشآت النووية في الولايات المتحدة.

من جهتها، قالت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية جانيت نابوليتانو إن المسافرين والبضائع القادمة إلى الولايات المتحدة من اليابان تخضع لفحص مستويات الإشعاع بها بعد الأضرار التي أصابت منشآت نووية يابانية بعد زلزال عنيف. مشيرة إلى أن الفحص يجري كإجراء احترازي "ومن أجل ضمان بقاء الجميع في أمان نقوم بفحص المسافرين والشحنات لمعرفة ما إذا كانت أي زيادة في الإشعاع قد حدثت.

وقد شرعت اليابان أمس في تنفيذ عمليات جديدة لتبريد مفاعلات فوكوشيما، وللمرة الأولى منذ بدء هذه الأزمة، عمدت أربع مروحيات عسكرية يابانية إلى رش مئات آلاف اللترات من المياه على المفاعلين الثالث والرابع. كما قامت صهاريج تابعة للجيش برش المباني.

وأعلنت عدة دول بينها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا استعدادها لمساعدة اليابان. فيما وضعت قيادة القوات الأميركية في المحيط الهادئ 450 عسكرياً على أهبة الاستعداد للتدخل في اليابان عند الحاجة، معربة عن "تفاؤل حذر" حيال الوضع. وأرسل تسعة عسكريين أميركيين متخصصين في المخاطر النووية إلى اليابان لتقييم المخاطر.

وعلى صعيد الخسائر البشرية، وبحسب إحصائية أعلنتها الشرطة أمس، فقد ارتفع عدد القتلى والمفقودين إلى 16600 شخص، من بينهم 6405 قتلى، و 10259 مفقوداً، و 2409 جرحى، وأكثر من 55 ألف منزل ومبنى مدمر بالكامل. وقد وعدت السلطات اليابانية بتحسين جهودها لإغاثة نحو 440 ألف متضرر بعد شكاوى من نقص مياه الشرب والطعام. وتعقد الثلوج مهمة 80 ألف جندي وشرطي ورجل إنقاذ، كما تعرض سلامة النازحين المسنين والأطفال الذين فقد 100 ألف منهم منازلهم للخطر.

وبعد مرور أسبوع على الكارثة الثلاثية التي ألمت باليابانيين على شكل زلزال وموجات تسونامي عاتية وخطر تسرب إشعاعي، وقف عمال إغاثة يابانيون أمس دقيقة حداداً على أرواح الضحايا، وعرض التلفزيون لقطات وقف فيها الناجون في مراكز الإيواء وقد طأطؤوا رؤوسهم. فيما دعا رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان جميع المواطنين أن يسألوا أنفسهم عما يمكنهم أن يساهموا به لإعادة بناء الدولة بعد الزلزال وطوفان تسونامي اللذين وقعا الأسبوع الماضي.

وقال في مؤتمر صحفي أعرب فيه عن تعاطفه مع الضحايا وعائلاتهم إن اليابان "تواجه أكبر تحد تشهده في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية". وقال متحدثاً بعد أسبوع من حدوث الزلزال الذي بلغت قوته تسع درجات على مقياس ريختر وتسونامي اللذين دمرا شمال شرق البلاد، إن العديد من الصعوبات ما زالت تقف أمامنا و من الضروري ضمان وصول مواد الإغاثة إلى من هم بحاجة إليها.