نحتاج إلى تفعيل دور المواصلات العامة في حياة الفرد السعودي، بحيث تصبح عادة وثقافة مجتمع كغيرنا من مجتمعات العالم, معظم السعوديين ممن سافر في مهام عمل أو دراسة في أي دولة خارجية، تعامل مع المواصلات العامة بكافة أنواعها في التنقل وفضلها على المركبات الخاصة.

ربما نحن البلد الوحيد الذي تمتلك فيه كل عائلة أكثر من مركبة خاصة لعدم وجود خيارات أخرى سوى سيارات الأجرة، وبذلك أصبحنا من أكبر مستوردي السيارات، حتى إن آخر تقرير صحفي أشار إلى أن نمو سوق السيارات في المملكة بلغ 25% سنويا، وأن السوق السعودي شهد دخول 700 ألف سيارة في عام واحد، تجاوزت قيمتها 40 مليار ريال، ولو وجهت بعض هذه الأموال لاستثمار صناعي داخلي أو حتى لقطاع المواصلات ولكن بخيارات متعددة لكان أفضل. ثقافة التنقلات وتنوعها سيستوعبها المواطن لأنه بحاجة إليها. في الخارج الإنسان لديه خيارات متعددة كحافلات نظيفة ومترو أنفاق بسرعة مأمونة وقطارات للضواحي والمدن. الناس في بعض الدول مثل اليونان وبلجيكا ما زالوا يستعملون (الترام) وهي مواصلات تشبه القطار وتعمل بالكهرباء.

إن تعدد وسائل المواصلات العامة يحل مشاكل كثيرة منها تنقلات العمالة الوافدة فكلهم ببلادهم يتعاملون مع المواصلات العامة وعندما قدموا اضطروا لاستعمال سيارات منتهية الصلاحية ملوثة للبيئة خلاف جهلهم بالقيادة. إذا كان قطاع السيارات يستهلك هذه المبالغ وكأنها ميزانية دول، فإن تنويع المواصلات داخل المدن بتوجيه من الجهات المختصة مشروع له مردود مضمون لتنتشر ثقافة المواصلات العامة بكل أشكالها، ولو بقي الأمر على ما نحن عليه سنسير إلى طريق مزدحم مليء بالحوادث وتأخير للمواعيد وتأجيل لرحلات الطيران الداخلي مما يعطل من مسيرة التنمية. يجب أن يعي المستثمر أن له دوراً في التنمية وليس بتوريد أكبر عدد من السيارات بل حتى المستعمل منها في الخارج له سوق عندنا كما يجب أن تهيأ له البنية التحتية، فهذا قطاع مهم لا يحتمل التأجيل.