الإعلام الأميركي الذي كان حريصاً على النزول لميدان التحرير في القاهرة ومتابعة أحداث سورية وقبلهما تونس, غاب بشكل كبير في ما يعرف بحملة (احتلوا وول ستريت).
في الأسبوع الماضي والذي قبله, بدأت الصحف بنشر صور المتظاهرين ودماؤهم تنزف, مشاركة متأخرة جداً. فهو مثله مثل أي إعلام في العالم, لا يمتلك الحياد الكامل, ولا يمكن أن يكون منزهاً من الأخطاء حتى وإن كان الدستور الأميركي يمنح حق التعبير ويكفله للجميع في مواده الأولى, ومع ذلك, فضل الإعلاميون الأميركيون عدم استخدام حرية التعبير, ومشاركة الحكومة في التكتم على ما حدث.
من أرض الحدث, ذهبت إلى وول ستريت, الشارع المزدحم بالمتظاهرين في نيويورك, كان هناك وسائل إعلام تلفزيونية, لكنها في زوايا بعيدة عن المظاهرات, سألت مراسلة تلفزيونية ومراسلا عن سبب تجاهل الأحداث ونقلها كما هي, كل منهما قال إنه لا يستطيع الحديث باسم مؤسسته! هل هذا هو الحياد؟
في أحداث مصر مثلاً, كانت معظم القنوات الأميركية تنادي الرئيس المصري السابق حسني مبارك باسمه, حتى تحرك البيت الأبيض ضد مبارك, فأصبح الأخير في وسائل إعلام أميركا يسمى بـ"الدكتاتور".
لماذا تخلى الأميركيون في قنواتهم التلفزيونية والإذاعية عن الحياد؟ السبب لأنه كان ضد استقرارهم.. حين رفضت الحكومة المظاهرات, تم تصوير المتظاهرين على أنهم مجموعة شباب متطلع لبيئة أفضل وأنهم يعملون على المطالبة بوقف تلويث البيئة وخلافه, هكذا كان الحديث في أحد مواقع القنوات الإخبارية على شبكة الإنترنت.
في أحداث وول ستريت, تم القبض على المئات, وتم استخدام الغاز المسيل للدموع, لكن ما ظهر للناس أن الشرطة تخلي المناطق المتظاهر فيها.
الحياد الكامل يبعد المؤسسات الإعلامية عن مسألة الحسابات, لكن للأسف أن كلا له حساباته الخاصة, سواءً الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية, وهنا تكون الموازنة بين الأفضل للمرحلة التي تستحق التهدئة أياً كانت وأينما كانت كذلك.
غاب حياد أميركا عن شؤونها الداخلية, وعن مظاهرات شعبها, في الوقت الذي تتصدر أحداث العالم العربي نشراتها. لو كان إعلامهم محايدا؛ لاستقالت الحكومة أو اعتذرت وأصلحت.