إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قام الفريق الطبي والجراحي المتخصص صباح أمس بعملية فصل السياميين الجزائريين "سارة و إكرام" بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني بالرياض والتي تكللت بالنجاح.
ورفع وزير الصحة رئيس الفريق الطبي الجراحي للسياميين الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، وإلى أبناء وبنات المملكة العربية السعودية، مملكة الإنسانية، وإلى أبناء وبنات الجمهورية الجزائرية الشقيقة وإلى محبي الأطفال والإنسانية في العالم بنجاح العملية. ووصف وزير الصحة إكرام وسارة بأنهما طفلتان بريئتان من الجزائر الحبيبة. وقال: باسم الجميع نحمد الله على عودة وسلامة خادم الحرمين الشريفين ملك العطاء والإنسانية وملك المحبة الذي أحب شعبه فأحبوه وبادلوه ذلك وفاءً وكذلك أحب العالم العربي والإسلامي والعالم أجمع، مؤكداً أنه يقدم مثلاً أعلى في المحبة والإنسانية لطفلتين بريئتين وهو كان في المستشفى يعاني من آلام وكان في فترة ما بعد إجراء عملية جراحية، ومع ذلك نجده يلامس حاجة الطفلتين ويوجه ـ حفظه الله ـ بنقلهما وعلاجهما في مملكة الإنسانية. وبين الربيعة أن الشعب السعودي تعود من القيادة المحبة والتآخي والاهتمام "وكذلك تعودنا أن نحب ونعطي ونتآخى ونتوافق ونكون شعباً وفياً لقيادته.. وقيادة محبة لشعبها".
وأضاف الربيعة أن العملية رقم "29" التي شارك فيها 38 طبيباً وأخصائياً وفنيا و100 فرد من فريق المساندة اللوجستية نجحت. وأكد أن العطاء كان من الفريق الطبي الذي يمثل نموذجاً متميزاً في العطاء والعمل الجماعي وعمل الفريق الواحد" والذي تعلمنا منه دروساً كثيرة في حياتنا الإدارية والعملية".
وقال وزير الصحة إن فصل التوأم مر بـ"9" مراحل بدأت بالتخدير الكامل، ثم الإعداد والتعقيم، وفتح منطقة الالتصاق، وهيكلة الأمعاء والجهاز التناسلي وفصل الأوعية الدموية، ثم الجهاز البولي، وجراحة الأعصاب، والعظام، وإعادة ترميم الأعضاء، والتغطية والنقل.
و قال استشاري التخدير الدكتور محمد الجمال انه تم وضع خطة عمل للسيامي الجزائري بناءً على الخبرات السابقة، وقام فريق التخدير المكون من 6 أطباء و3 فنيين بتنفيذ الخطة من بداية العملية إلى أن تم تسليم الطفلتين إلى قسم العناية المركزة ليواصلوا المسيرة الطبية للطفلتين. لافتاً إلى أن الفريق لم يواجه أي صعوبات أو عقبات غير متوقعة، حيث سارت الأمور كما خطط لها وفي الوقت المحدد.
وأشار استشاري جراحات الأطفال الدكتور محمد النمشان إلى أن الفريق الطبي كان لديه تصور كامل عن مناطق اشتراك التوأم عن طريق الفحص بالأشعة المقطعية والأشعة الصوتية قبل العملية، حيث كان هناك اشتراك في الجزء السفلي من الأمعاء وفتحة الشرج تم التعامل معه حسب الترمية الدموية والعصبية وكلتا الطفلتين تملك الآن جهازا هضميا كاملا وتم الفصل والتعامل معه بدون أي مشاكل.
وقال استشاري المسالك البولية الدكتور أحمد الشمري إن العمل تلخص في جزأين في مرحلة الفصل، حيث كان الاشتراك قليلا جداً، وهو عبارة عن اشتراكات في الجهاز التناسلي الخارجي، وتم الفصل بسهولة بمشاركة المتخصصين في جراحة المسالك البولية للأطفال، والجزء الثاني في مرحلة الترميم وهو إعادة تأهيل الجهاز التناسلي الخارجي.
وبين استشاري جراحة الأعصاب الدكتور أحمد الفريان أن العمل في مرحلة المخ والأعصاب بدأ بعد قلب المريضتين من الوضع الذي كانتا فيه "حتى نتمكن من الوصول للعمود الفقري للطفلتين، وتم تحديد معالم العمود الفقري وبعد ذلك فتح القناة العظمية للعمود الفقري وتحديد السحايا الملتصقة بين الطفلتين، وبعد ذلك تم فتح السحايا والاطلاع على النخاع الشوكي الذي كان متصلاً بين الطفلتين، وكان هناك بعض التقاطع بين الأعصاب المتجهة من إكرام إلى سارة، وباستخدام الأجهزة المتقدمة تم تحديد مصادر الأعصاب وتم فصل النخاع الشوكي تحت الميكروسوب والمجهر الطبي وتمت الأمور بشكل سلس ولم نواجه أي مضاعفات ولله الحمد، وتم إغلاق السحايا وإتمام المراحل الأخرى".
وعبر والد التوأمتين "الكفيف" أبو رقية عن مشاعر الشكر والعرفان، رافعا يديه إلى السماء بالدعاء إلى الله أن يطيل في عمر خادم الحرمين وأن يجعله ذخراً للأمة العربية والإسلامية. قائلاً: كانت المعلومات لدينا أن الطفلتين ملتصقتان منذ فترة الحمل ولم نكن نتوقع أن تكون الحالة بهذه الصعوبة إلا بعد ولادتهما، وبدأنا البحث عن طريقة فصل الطفلتين، ولأن ذلك التخصص لا يوجد إلا في المملكة العربية السعودية وفرنسا، كان توجهنا إلى مقام خادم الحرمين الشريفين بالنداء من القنوات الفضائية، وقد استجابت المملكة في الحال، واتصل بنا وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة الذي تابع حالة التوأم الصحية، وكان يجب أن يصل وزنهما إلى 9 كيلوجرامات، ولم يكونا في حاجة إلى رعاية طبية غير ذلك، لتمتعهما بالصحة ولله الحمد. وكانت المتابعة مستمرة من خادم الحرمين، أطال الله في عمره، ومن الدكتور الربيعة حتى حضورنا إلى المملكة. وقال: أتوجه بالشكر إلى خادم الحرمين، وأسأل الله أن يمد في عمره. كما أتوجه بالشكر إلى وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة وإلى الفريق الطبي المتكامل وسفارة خادم الحرمين بالجزائر والشعبين السعودي والجزائري.
وقال سفير جمهورية الجزائر دكتور لحبيب أدامي: أولا أشكر بعد الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على هذه اللفتة الكريمة، وأي لفتة! إنها تفرج كربة من كرب الدنيا عن عائلة مهتمة بشأن ابنتيها. وأسأل الله أن يدخر ذلك في موازين أعماله. كما أشكر الفريق الطبي على مهارته، وعلى رأسهم الدكتور عبدالله الربيعة لخبرته ومهارته، حيث يعالج بتواضعه ولطفه وقربه من المريض قبل أن يعالج بخبرته، التي صارت مضرب الأمثال ومحل فخر، لا أقول لدى السعوديين فحسب وإنما للعرب والمسلمين عموما. والشكر موصول لجميع أفراد الشعب السعودي وطاقم المستشفى والمؤسسة التي يشرف عليها رئيس الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز. وهذه اللفتة ستعزز العلاقات بين الشعبين الصديقين والحكومتين، وستساهم باليقين في مد أواصر المحبة والأخوة والتعاون والترابط.