تجاوز سكان جدة بأمان أمس، أربعاء سبقته تحذيرات متتابعة حول احتمال هطول أمطار غزيرة، صاحبها تعطيل للمدارس والكليات الجامعية. وعلى وقع استنفار القطاعات الحكومية والخدمية، هطلت الأمطار بكميات متوسطة، في حين لم تشهد أودية المحافظة أية سيول منقولة. وتلاشت أمس مخاوف السكان من "أربعاء غرق" جديد، في الوقت الذي رابط مسؤولو المراقبة في الرئاسة العامة للأرصاد أمام شاشات المتابعة الجوية، محذرين من أن الفرصة ما زالت مهيأة اليوم لهطول أمطار رعدية تسبقها رياح في مكة وجدة والطائف إضافة إلى الليث والقنفذة.

ولساعات، حلقت طائرات مراقبة تابعة للدفاع المدني في سماء جدة بغية تحديد مواقع هطول الأمطار، فيما صعد خبراء جيولوجيون إلى أعالي الأودية لنقل بلاغات سريعة عند رصد السيول المنقولة. ومع استمرار هطول الأمطار حتى وقت متأخر من أمس، كثفت القطاعات المعنية إجراءاتها الاحترازية لسلامة السكان.

وعاد مواطنون كانوا قد نقلوا سياراتهم إلى أماكن آمنة خشـية غرقها لهدوئهم، بينما عدل البعض عن فكرة مغادرة منازلهم إلى شقق مفروشة بعدما بدت الأوضاع مطمئنة لهم.




تنفس الجداويون أمس الصعداء، فرغم استمرار التحذيرات من أمطار قد تشهدها المحافظة، لا تزال قائمة حتى مساء أمس، إلا أن مخاوف "أربعاء غرق" جديد تبددت، وبدت حالة الطقس مستقرة، وسط حالة استنفار قصوى لمختلف القطاعات الحكومية الأمنية والخدمية.

ففي الوقت الذي رابط فيه مسؤولو غرفة المراقبة بالرئاسة العامة للأرصاد، طيلة أمس، أمام شاشات المتابعة الجوية، استمرت تحذيرات الرئاسة من أن الفرصة ما زالت مهيأة اليوم لهطول أمطار رعدية تسبق بنشاط في الرياح السطحية على مكة المكرمة، جدة، الطائف، الليث، القنفذة والمرتفعات الجنوبية الغربية، وتمتد حتى الأجزاء الواقعة ما بين الطائف والمحافظات غرب منطقة الرياض، في حين تظل السماء غائمة إلى غائمة جزئياً حتى معظم أجزاء المنطقة الشرقية، مع وجود العوالق الترابية والرياح النشطة أثناء النهار.

هاجس الخوف

ورغم استعدادات الجهات ذات العلاقة إلا أن هاجس الخوف و"الفوبيا" التي سكنت بعض سكان جدة ممن تضرروا من الكارثتين السابقتين كانت تدفعهم لتصرفات احترازية، فالبعض خرج بأهله من أحياء شرق السريع وتوجه لأماكن أكثر أمناً، والبعض الآخر استأجر شققا مفروشة في أحياء يرون أنها بعيدة عن خطر السيول، فيما فضل فريق ثالث التوجه إلى أماكن النزهة كالكورنيش ومتنزهات شمال جدة حتى يأمنوا من خطر الغرق، وكان للسيارات نصيب من الخوف حيث توجه مواطنون بسياراتهم إلى أماكن مرتفعة في أحيائهم حتى لا تجرفها السيول.

وحتى ساعات متأخرة من المساء كان "أربعاء أبيض"، لم يزعج السلطات، فزخات من المطر كانت تهطل بين الفينة والأخرى جعلت الأجواء مغرية للخروج والتنزه، فيما فضل آخرون التوجه لأماكن السدود للاطمئنان على سير العمل بها والتأكد من أنها ستقيهم الخطر إذا تحرك السيل جارفا أمامه كل ممتلكاتهم كالعادة.

الثالثة ثابتة

وقال المواطن سالم الزهراني، إنهم أصبحوا يخشون من أن تكون "الثالثة ثابتة" حيث يرى أن الكارثتين اللتين سبق أن ضربتا جدة تسببتا في الكثير من الأذى والخوف للسكان مما أدى إلى أن يكون هناك حرص كبير وخوف أكبر من أن يلحق سكان جدة أضرار أكبر وهو ما تنامى إلينا من تحذيرات نراها في وسائل الإعلام، ولذلك فضلت الخروج من الحي الذي غرق مرتين والتوجه لمكان آمن حتى أتجنب خطر المطر أو حتى التعرض للخوف من الغرق أو انتظاره.

وأوضح المواطن عبدالرحمن الزهراني، أن الخروج أصبح الحل الأمثل خاصة مع إعطاء الطلاب إجازة من التوجه لمدارسهم مما جعلنا نفضل أن نقضي هذا اليوم بعيداً عن نطاق الأماكن التي قد تتضرر من السيل.

وأفاد المواطن عبدالله المطيري، أن ارتباط السيل بالأربعاء أصبح هاجساً لسكان جدة، حيث أصبح أربعاء المطر يوماً أسود لسكان جدة، مضيفا أنهم يأملون بأن يكون أبيض، وقال "رغم أننا نرى أن هناك استعدادات من الدفاع المدني وتحذيرات من قبل الأرصاد إلا أن توقع ما يفعله المطر أمر صعب ولذلك يجب علينا أخذ الحيطة والحذر".

أما المواطن فيصل الجهني فقال "لقد سكننا هاجس الخوف من المطر وكل مرة نقول إن الأمر سيكون أسهل ولكنا نتفاجأ بكميات كبيرة من الأمطار فتغرق شوارعنا ومنازلنا ويصعب علينا الخروج بعد ذلك ولذلك فضل البعض الهرب من انتظار وقوع الكارثة والتوجه لأماكن أكثر أمنا، فيما فضل البعض البقاء في منازلهم والتوجه بسياراتهم لأماكن مرتفعة حتى لا يجرفها السيل".

وأشار كل من فهد السالمي ومحمد الحبشي وناير الحربي، من سكان أحياء قويزة، إلى أن التحذيرات المتتابعة للجهات المعنية، أجبرت السكان على أخذ الحيطة والحذر، وأنهم كانوا يتوقعون "أربعاء غرق" جديدا، لقاء تعطيل الدراسة واستنفار الأجهزة الحكومية، إلا أن الأربعاء كان مستقرا كبقية الأيام.

وأكد كل من ياسر فدعق وأنور الظاهري وعلي رجاش، من سكان أحياء جنوب جدة، أن السكان أصبحت لديهم ثقافة الاستعداد المبكر لأي طارئ، وأنه حتى في حالة سقوط أمطار غزيرة، فإن خسائرها لن تكون بحجم خسائر السيول الماضية، لتعود السكان على طرق الحذر، والهروب من أماكن الخطر في أوقات مبكرة.

وشددوا على أن الاستنفار الذي أبدته الأجهزة الحكومية أمس، وقرار إيقاف الدراسة، يدل على الاستعدادات الكاملة التي أصبحت توليها الأجهزة الحكومية اهتماما بالغا للتعامل مع حالات الطوارئ، لحماية السكان والحفاظ على سلامتهم.

مراقبة مستمرة

وعلى صعيد استعدادات الدفاع المدني، ظلت طائرات المراقبة والمتابعة تجوب أجواء المحافظة والمناطق المتاخمة لها، والتي شهدت أمطارا متوسطة أمس، واستمرت فرق الرصد في أعالي الأودية ترابط مكانها، لنقل إشارات التنبيه والتحذير، وحتى الإخلاء إذا دعت الضرورة.

وقال مدير عام الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة اللواء عادل زمزمي، إن استنفار الدفاع المدني ما زال مستمرا عبر 16 مركزا للمساندة، إضافة للتجهيز الكامل لمراكز الدفاع المدني المنتشرة بالأحياء، مؤكدا أن أجواء جدة مستقرة حتى مساء أمس، ولم تشهد أي حالات لسقوط أمطار سوى بعض الرذاذ الخفيف في بعض أحياء شرق جدة.

وأوضح أن معدات الدفاع المدني التي تمت تهيئتها للمشاركة حال أي طارئ، تتضمن قوارب مطاطية، ومعدات ثقيلة، وأعدادا كبيرة من العناصر المدربة للإنقاذ والإخلاء، وأن أمطار أمس كانت خفيفة على بعض المحافظات، وشملت الطائف والجموم ومكة المكرمة وبحرة.

وشدد على أن الطيران العمودي مستمر في أعمال الرصد والمراقبة عبر جولات جوية متتابعة، لمتابعة الحالة، ومواقع سقوط الأمطار، علاوة على التواجد المستمر للمتخصصين من الجيولوجيين التابعين للدفاع المدني في أعالي الأودية لنقل بلاغات سريعة عند رصد أي سيول منقولة.

حركة اعتيادية

وطمأن مدير مرور جدة العميد محمد القحطاني، أهالي جدة، بأن الوضع مستقر جدا، وأن الحركة المرورية تسير كالعادة، على الطرق والمحاور الرئيسية، وأن خطة المرور لتغطية 14 موقعاً بجدة ما زالت مستمرة، وأن الوضع لم يستوجب إغلاق أي طرقات، في ظل استمرار متابعتهم لتقارير الأرصاد.

وأشار إلى أن إدارة المرور تتبع خطة مستمرة في تقسيم جدة إلى مرحلتين، الأولى تتموضع في التحكم على الطرقات وتكثيف التواجد وأخذ الإجراءات الاحترازية، والثانية تعتمد على إغلاق عدد من الطرق والأنفاق، وأن 360 دورية رسمية لمتابعة الحالة على الطرق والميادين، وفرقاً مساندة ما زالت تراقب الحالة ومستعدة للتدخل في أي وقت.

حماية الأنفاق

من جانبه، أكد نائب أمين جدة للمشاريع والتعمير، المهندس علوي سميط لـ"الوطن"، أن عمل الأمانة فيما يخص مراقبة غرق الأنفاق القائمة أو تحت التنفيذ، يبدأ عندما تصل كميات مياه الأمطار إلى ما بين 50 و60 ملم، ويقتصر على التأكد من عمل المضخات، ونزح المياه منها فقط. أما فيما يتعلق بتصريف المياه السطحية حول الأنفاق فإنه يقع على عاتق اللجنة التنفيذية من خلال عدد من المشاريع العاجلة التي تم إحداثها مؤخرا.

وأضاف أن الأمانة تعمل على تنظيف شبكات تصريف مياه الأمطار الحالية والتي لا تمثل سوى 10% من إجمالي مساحة جدة المشمولة بتغطية شبكات التصريف، إضافة إلى التأكد من جاهزية محطات الرفع بكافة أنحاء جدة وتنظيف القنوات المفتوحة لتصريف مياه الأمطار.

وأشار إلى أن مخطط أم الخير حظي بعمل إجراءات مؤقتة تساهم في حماية الحي بالكامل، وتمثلت في تحديد حركة اتجاه المياه في الأودية التي تصب في اتجاه سد أم الخير من خلال عمل عقوم وسواتر ترابية تعمل على تحويل مسار مياه السيول وتحد من سرعة جريانها.

سد أم الخير

وقال "إنه تم رصف أكثر من ألفي حاجز خراساني بعدد من المواقع تعمل ككسارات ومحولات للمياه المتدفقة باتجاه حي أم الخير، حيث تم عزل الحي بالكامل عن مسارات الأودية التي تؤدي لغرقه، وبهذه الحلول المؤقتة تم تحويل كافة المسارات إلى قنوات التصريف الخاصة بالسيول، كما تمت تغطية جزء كبير من سد أم الخير بطبقة خرسانية لحمايته من التآكل جراء جريان مياه السيول كحل ضمن الحلول المؤقتة.

وبين أن الحل الدائم فيما يخص سد أم الخير بيد اللجنة التنفيذية، والتي قامت بدراسة أعدت من قبل مكتب هندسي متخصص تم اعتمادها من قبل هيئة المساحة الجيولوجية، وحظيت بموافقة رئيس اللجنة أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل وقضت بإزالة السد نهائيا من موقعه وفتح المجرى بالكامل.


منتديات الإنترنت تتجاوز "الأرصاد" في توقعات الطقس كل ساعة

جدة: ياسر باعامر

لم تعد التحذيرات التي تطلقها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أو متابعة النشرات الجوية المصاحبة لفقرات الأخبار الرئيسية على شاشات قنوات التلفزة الرسمية، المصدرين الوحيدين لتلقي الناس ما يحصل على "الطبيعة السعودية" من متغيرات الأحوال الجوية، التي بدأت تشهد متغيرات في السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة الشق الغربي منها.

وبحسب عدد من المنتديات الإنترنتية، فإن إقبال السعوديين والمقيمين على متابعة المتغيرات الجوية، يعود إلى ما تنبأ به سابقاً المرصد الروسي المتخصص في تحليل الظواهر المناخية، الذي لاقى في حينه تشكيكاً من قبل رئاسة الأرصاد والبيئة، بسيول جارفة وأمطار غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة، على منطقة مكة المكرمة في حج العام الماضي، وحدث ما تنبأ به الروس.

وكان عدد من مواقع الشبكة الإلكترونية ومنتديات الإنترنت، قد استحدثت أقساماً خاصة ووحدات تهتم بأحوال الطقس، عبر خصائص متعددة من متابعة الظواهر الجوية في الجزيرة العربية، توقعات الطقس في المملكة، حرائق الطقس، صور الأقمار الصناعية، خرائط الضغط الجوي GFS، التأثيرات المناخية، الحالات الجوية في الخليج، العواصف المدارية، المنخفضات الجوية، العواصف الترابية والرياح، وعدد آخر من المواقع الإلكترونية أدخل خاصية "متابعة الأحوال" كل ساعة تقريباً.

وأوضحت أميرة سالم "طالبة جامعية وأم لـ3 أطفال"، أن اهتمامها بدأ بمتابعة الأحوال الجوية عبر شبكة الإنترنت، بعد السيول الأولى التي اجتاحت جدة ومنطقة مكة عموماً، وقالت "بعد ذلك الحدث أضحت متابعة الطقس بالنسبة لي ثقافة شبه يومية".

وأبانت أن مواقع BBC والمرصد الروسي، ومواقع منتديات محلية أخرى لم تذكرها، تقع على قائمة "استطلاعها الاستباقي"، لمتغيرات الأحوال الجوية، ولم تذكر الرئاسة العامة للأرصاد، وحينما ذكّرناها بذلك اكتفت بالقول "لم أعد بحاجة لها في إطلاق التحذيرات، أو حتى الاطلاع على البيانات"، مشيرة إلى أنها في حال استماعها إلى الشائعات، فإن المواقع ذات المصداقية لديها تكون هي الفيصل.






 


 



 


صورة أقمار صناعية تظهر حركة السحب بأحد مواقع الطقس العالمية