بدأت اليونسكو أمس بمقرها في باريس ندوة تهدف إلى تحليل الأضرار الناجمة عن عمليات الإتجارغيرالمشروع المنتشرة في شتى أنحاء العالم، وإلى تقييم التدابير المتخذة حاليا للاستجابة لهذه المشكلة، واقتراح حلول للمضي قدما في تحسين هذه التدابيرعلى المستويين الدولي والوطني. و يشارك في الندوة أعضاء من هيئات معنية بمكافحة الإتجار غير المشروع لاسيما الإنتربول، والمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص، والمنظمة العالمية للجمارك، والمجلس الدولي للمتاحف، فضلا عن ممثلين لمؤسسات مختصة بالمزادات العلنية مثل ساوثبي وعدد من المتاحف منها متحف كي برانلي في باريس والمتحف الوطني في مالي.

إلى جانب حضور ومشاركة المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا؛ ومدير وحدة الجرائم المتخصصة والتحليل في الإنتربول، بورند روسباك، والخبير في الآثارالمصرية، المصري زاهي حواس؛ ورئيس متحف كي برانلي، والأمين العام للمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص، والمديرة السابقة للمعهد الوطني للثقافة في بيرو.

وقالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، إن "عمليات السرقة أو التدميرأوالنهب أو التهريب التي تطال الممتلكات الثقافية تمس الهوية الثقافية للشعوب". وإن "حماية التراث الثقافي ومكافحة المشاكل المرتبطة به مسألتان تمثلان اهتماما مشتركا وتستوجبان ردا أخلاقيا جماعيا. وينبغي بالتالي الاضطلاع بالأنشطة الرامية إلى مكافحة الإتجار غير المشروع على جميع المستويات، أي على المستوى الوطني والدولي وعلى مستوى الأفراد والجماعات والحكومات والرابطات".

وتجيء الندوة ضمن احتفالات بمرورأربعين عاما على اعتمادها اتفاقية "التدابير الواجبة لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل مليكة الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة". وتأتي أهمية هذه الاتفاقية التي وقعت عليها مئة وعشرون دولة، من كونها تعد أول اعتراف دولي بأن هذه الممتلكات الثقافية ليست بضائع أو سلعا يمكن تداولها.

يذكر أن الاتفاقية ترتكزعلى ثلاثة محاور، فهي تطلب من الدول الأطراف اتخاذ تدابير وقائية على المستوى الوطني (تكييف التشريعات، وإعداد قوائم الجرد، وإطلاق حملات تعليمية، وتدريب الموظفين،وما إلى ذلك)؛ وتتضمن أحكاما تتعلق برد الممتلكات تتعهد الدول من خلالها باتخاذ التدابير المناسبة لاسترداد وإعادة الممتلكات الثقافية المستوردة بصورة غير قانونية، إضافة إلى أنها توفر إطارا للتعاون الدولي لتحسين مكافحة الإتجار غير المشروع.

وتتناول الوثيقة القانونية الرائدة مجالا يتطور على نحو سريع جدا. فخلال السنوات الأخيرة، أصبح نقل الممتلكات الثقافية عبر شبكة الإنترنت نشاطا تجاريا يدر مبالغ طائلة من الأموال، مما يستدعي الإشارة إلى أن أكبر عدد من أنشطة الإتجارغيرالمشروع تسجل على الإنترنت.

وتفيد المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) بأن الإتجار بالممتلكات الثقافية يحتل إحدى المراتب الأولى في العالم من حيث الإيرادات، شأنه شأن الإتجارغيرالمشروع بالأسلحة والمخدرات. وتعتبر بعض المصادرأن الإيرادات السنوية الناتجة عن الإتجارغير المشروع بالممتلكات الثقافية تبلغ 6 مليارات دولار وفقا للتقديرات، علما بأنه يصعب التحقق من هذا الرقم نظرا إلى الطابع غيرالمشروع لهذه الأنشطة.