يسود جو من التوتر في المدن التي يسيطر عليها الثوار حيث تتوغل قوات القذافي شرقا وغربا في محاولة لاستعادة تلك المدن، في حين لا يزال الغربيون يتشاورون لإيجاد حل للنزاع الدامي في ليبيا المستمر منذ 28 يوما. وشنت قوات القذافي غارات جوية أمس على بلدة أجدابيا قي الشرق، والتي باتت آخر مدينة يسيطر عليها الثوار قبل معقلهم في بنغازي، ثاني كبرى المدن الليبية، وحيث مقر المجلس الوطني الانتقالي.
وقال ثائر بالمدينة إن طائرة حلقت أربع مرات وقصفت أربع مرات، فيما شاهد آخر حفرتين أحدثهما انفجاران جديدان قرب نقطة تفتيش للمحتجين عند المدخل الغربي.
وعلى الطريق بين أجدابيا وبنغازي كان العديد من المدنيين أمس يفرون من المدينة شرقا في شاحنات صغيرة محملة بالحقائب والأكياس والفرش.
وفي بنغازي ،على بعد حوالي ألف كلم شرق طرابلس تحولت الحماسة خلال الأسابيع الأولى من اندلاع الثورة إلى أجواء من القلق. فقد انقطعت كل خطوط الهواتف النقالة فيها وتحولت الأنظار إلى الخارج حتى وإن لم تفض اجتماعات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي إلى أي قرار ملموس.
وفي الغرب كان الثوار لا يزالون يسيطرون على مصراتة التي تقع على بعد 150 كلم شرق طرابلس لكن إطلاق نار من أسلحة اوتوماتيكية لا يزال يسمع في محيطها.
كما أفادت مصادر أن قوات القذافي هاجمت أمس مدينة زوارة (غرب) التي يسيطر عليها الثوار. وقال أحد سكان المدينة "تتقدم قوات القذافي من الجانب الشرقي وتحاول الدخول من الغرب والجنوب. إنهم على بعد كيلومتر من وسط البلدة".
إلى ذلك، ناشد الثوار في شرق ليبيا المجتمع العالمي أمس إرسال أسلحة لمساعدتهم في قتالهم ضد قوات القذافي. وقال اللواء محمد عبد الرحيم "إننا نريد أسلحة من المجتمع الدولي لمقاتلة القذافي، بدلا من أن يتفرج العالم عليه وهو يذبح شعبه".
وعبد الرحيم لواء في جيش القذافي لكنه انشق عليه قبل عدة أسابيع لقيادة الثوار الذين يقاتلون من أجل الإطاحة بالزعيم الليبي. وأضاف أنه عاد إلى بنغازي أمس للتزود بالأسلحة والعودة إلى بريجا حيث يقاتل الثوار قوات القذافي للسيطرة عليها. وقال عبد الرحيم إن أكثر من 6 آلاف شخص قتلوا وإن ما يصل إلى 14 ألفا أصيبوا في الأسابيع الماضية من القتال.
بدوره أكد الناطق الرسمي باسم الثوار في مصراتة (غرب) أنه لا يعتقد أن المجلس الوطني في بنغازي سيعترض على أي تدخل عسكري باستثناء دخول قوات أجنبية إلى الأراضي الليبية. وأضاف "أي أنه يمكن التدخل بقصف مطارات حربية أو ما شابه ذلك، لأن الثوار لا يمتلكون أسلحة استراتيجية مضادة للطائرات لوقف الجرائم البشعة التي يقوم بها نظام القذافي". كما تحدث الناطق عن أن القذافي الآن لا يثق في أي شخص من القيادات الموالية له، وقال "لا يثق إلا في أبنائه ونتوقع أن تكون الخيانة من أحدهم. وكل القيادات العسكرية موجودة حاليا تحت الإقامة الجبرية في باب العزيزية لمنع أية محاولة للخيانة. وأن كل من حول القذافي يدعمونه فقط لأنهم خائفون منه لأنه يقول لهم إما أن تكون قاتلا أو قتيلا". وأشار إلى أن "الجنود أيضا لا يحاربون عن إيمان بل يحاربون للحصول على المال"، وتبين لهم وجود مبالغ مالية مزيفة بحوذة المقاتلين المرتزقة الذين تم أسرهم في مصراتة.
من جانبه، وعد الجيش الليبي أمس بالعفو عن جميع العسكريين الذين التحقوا بصفوف الثوار "إذا رجعوا نادمين وسلموا أسلحتهم".
كما دعا القذافي كلا من الصين والهند وروسيا إلى أن "تتولى" شركاتها صناعة النفط في ليبيا، وذلك خلال استقباله سفراء هذه الدول في طرابلس، مساء أول من أمس. وقالت وكالة الأنباء الليبية إن القذافي أكد خلال هذه المقابلات أهمية مساهمة الصين والهند وروسيا في إطفاء الحريق الذي أشعله من أسماهم (الإرهابيون المرتزقة) في خزان رأس لانوف النفطي شرق البلاد.
وفي واشنطن، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" أمس إنه لم يجر اتخاذ قرار بخصوص فرض حظر جوي على ليبيا. وأضاف المتحدث باسم البنتاجون جيف موريل "هذا قرار سياسي لم يتخذ بالتأكيد"، إلا أنه أوضح أن فرض حظر جوي ما زال خيارا "محل دراسة".
وفي باريس، التقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس ممثلي حركة الثوار الليبيين كما أجرت محادثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثماني للدول الصناعية الكبرى، الذي يتصدر أجندته الأزمة الليبية.
أما في نيويورك، فأجرى مجلس الأمن أمس محادثات بخصوص ليبيا، فيما أكدت فرنسا أنها تأمل في أن يكون دعم الجامعة العربية لفرض منطقة حظر جوي عامل تغيير يضمن التحرك الدولي.
وقال السفير الفرنسي جيرار آرو إن لبنان الذي يمثل العرب حاليا في مجلس الأمن سيعمل على تغيير موقف معارضي الحظر الجوي وفي طليعتهم الصين وروسيا.